مريم جنجلو - المرأة الأخيرة

إنها السابعة صباحاً, سيجارة واحدة بقيت في العلبة, زمّت شفتيها الممتلئتين على الفلتر الإسفنجي, بسرعة تناولت الهاتف البارد, إلتقطت سيلفي مثيرة, وطار الدخان في أرجاء الغرفة. لعابٌ قليلٌ التصق بسقف حلقها الجاف, لا بأس, أن تشعل حريقاً داخل جوفها وتطفئه عشرين مرة في غضون ساعات أمر عاديّ. طعم المرارة هو ما لم يكن متوقعاً. سرحت بنظرها في التقاطع المروريّ الذي التقيا عنده أوّل مرة: لو أنّ عطلاً ما إلهياً أوقف رتابة شارة السير عند اللون الأحمر, وجمدت سيارتها بمحاذاة سيارته, هل كان سيلاحظ كيف تنظر إليه؟ امرأة حقيقية لا مثيرة لأية حالة هستيرية, أم أنه سينشغل فقط بمناداة الباعة دون التفكير بحجم الثروة التي أنفقها في شراء الأخبار البائتة وأوراق يانصيب لم يحدث أن ربحها أحد ممّن يعرفهم. مرّرت يدها على نبتة الحبق وشمّتها, وباليد الثانية قلبت الساعة الرملية على الطاولة, بدأت يومها بالسؤال ذاته, لمَ لا يختار الناس هداياهم بعناية؟ ماذا قد تفيد ساعة رملية امرأة جميلة ووحيدة سوى جعلها تنتظر اللاشيء بتوقيت أدقّ؟ امرأة تبتسم للناس, لا كأنّها لا تعرفهم, وإنّما كأنّهم لم يقابلوها ليَرَوْها, ولا كأنّ شيئاً لم يحصل معهم البتّة, وإنّما كل شيء لم يحدث لسواها. ابتسامتها أشبه بمجهود عضليّ هائل, يبذله مريض بالفالج يبكي من الفرح, لكنّ ملامحه كلّها مشدودة نحو الأسفل. الوجهة الوحيدة للحزن.




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى