محمد فائد البكري - قد طال هذا الليل يا الله!

قد طال هذا الليل يا الله
حتى مات معنى الوقت
حتى ماتت الكلمات،
تاه العمرُ في اللاشيء
لم يبقَ من الأحلام ما يكفي
وسيف الليل يثخن في الهواء الطلق
والأحزان تسعل في الأزقة
والزمان الوغد يستعدي الخواء
أرجوك يا الله!
أدركني لهاث العمر
غُصَّ القلب بالنجوى
تنكرت الجهات!
كم أصبح المعنى الحزين بلا يدين
وصرتُ لا أدري اتجاها للصدى!
كم صرتُ يا الله أخشى أن ترى المرآة
ما في القلب من موتى
وما في الصمت من وجع الهباء
كم صرتُ يا الله
أخشى أن أراك بلا يدين
كم صرت أخشى آهتي
حتى إذا ناديتُ نفسي
أو صرختُ بوهمها
جاء الصدى مترددا
لا وقت في الساعات إلا للفناء
زمني يراكم في الجراح ملوحة الدمع الذي يتخثر النسيان فيه،
ولعبةُ الأضداد لم تتعب.
وقد تعب الزمانُ من استعادة أمسه
وتعبتُ من معنى متى
وشجون أين !
ومِن سؤالي: مَنْ أنا؟
وسئمتُ مِن كوني أنا في كل هذا الزيف يا سقف السماء !
سئمتُ حتى اسمي،
مللتُُ ترقب المعنى
مللتُ من احتمالي كل هذا العمر وحدي
في مهب الليل
لا أحد معي إلا السدى.
قولي: وداعا يا جهات!
يا كل من تركوا الفراغ محاصرا
وتخلَّصوا بالموت من أعبائهم
يا كل من تركوا الدروب
وغادروا أجسادهم!
سئم الحنينُ من انتظار الصدفة الأخرى
وما ترك الخيالُ من الغبار على السياج
يغازل الموتى
ويكسر باب ليلي،
ملَّت الدنيا من الدوران حول الليل
ملَّ الله من أسمائه الحزنى،
وطالت غصة الساعات من دورانها
ومللتُ من ماضٍ يعيش مجددا.
.....
يا أيها الموتى دعوا ليلي ينام.
يا أيها الموتى الذين أحبهم.
حتى متى تتدافعون إلى التفاصيل الكثيرة
في دمي؟!
تعبت مبالاتي.
تعبتُ من انتظار نهايتي
وبلغت سن اليأس من نفسي
تعبتُ من الحكاية كلها،
ومن التلفت للوراء؛
مخافةً من غدر ظلي
أو خيانة إخوتي.
ما أوجع الشكوى من الشكوى
وما أقسى ترددها غدا.
أصبحتُ صمتا موحشا،
أصبحت قبرا جاهزا،
أسترجع الماضي لأقتله
وأنقذ من أساهُ حاضري
وإذا سئلتُ متى ستبلغ راحةً..
قال الصدى:
لاشيء ينقص فكرتي غير الردى
......

.......
يا أيها الطفل الذي بالأمس كنتُ
متى ستنسى ما أردتَ من الحياة
متى ستسقط من حساب الروح "لا"
يا أيها الطفل الذي.....
تعب الكلامُ من الكلام وأهله
وتعبتُ مِنْ كوني أنا
ومن انتظاري للردى!

٢٠٠٩/٥/١٨م

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى