محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - اين أنتِ الآن مني..

اين أنتِ
الآن مني
ربما في عمود الانارة القديم تتفقدين بقايا اجساد ، نسيت عرقها ، ورائحة الشبق
وشرائح حادة من الذكريات
ربما في صراع اليوم ضد الامس
تنشرين الاخبار الكاذبة حول الثورات ، حول الموت ، حول اطفال يولدون بلا اذرع
لأن لا مائدة لهم في مناسبات المدينة
انتِ في كل شيء
سوى مدى الاصابع لأعزف اغنيتنا الجميلة ، اغنيتنا الوحيدة
اغنيتنا التي تتنكر
على اللغة
وتتناول اوصالها في كل ليلة
انت كالحقيقة
دائماً ما تجد مقعداً للجلوس ، دائماً ما يكون مقعدها قذراً وبعيداً عن الضوء
أين انتِ؟
في الاسئلة التي لا تملك الجرأة الكافية لتواجه اجاباتها ، في غباء العصافير التي غشتها اجنحتها فحاولت مباغتة فضاء الرب ، في جثث العشاق التي تُدفن يومياً في قصائد شعراء سيئي السمعة
في المواعيد المؤجلة للقبلات ، الاجساد الزنجية المدهونة بالمحلب والدلكة والشهوة الخميسية ، في تضامن عصفور مع شجرة يترصدها حطاب ، في حداد المواعيد على العشاق الذين لم يلتقوا منذ عدة جروح ، ولن يلتقوا في القريب الحالم
اين النهر
ليشهد ان الاقصاب التي ثقبتها لاصنع منها الناي
هي نفسها
ترد الدين
تثقب ذاكرتي
بملامح الغياب المعيب للانثى الحُلم
اين احاديث المدينة الداعرة
لتلتقط فارغ الكلمات من الافواه ، بحثاً عن لغتنا الضائعة ، عن جواربنا التي نمضي ايام في رتقها ثم نتذكر أننا لا نملك ارجل لترتديها ، لكننا دائماً ما استطعنا المضي قُدماً
أين ضجيج الطرقات
من فوهة العتمة التي تعري جوعنا للعناق
للكلمات البسيطة مثل الخبز الدافئ ، لتعلم النسيان من اطلال اشيائنا الحميمة
اشياءنا التي تركناها خلفنا
حين استعجلنا القطار ، حين ربت على المسافة وحش الرحيل ، وحين ضحكت المحطة
على توتر الاصابع
بين أن تعانق بعضها للأبد ، و بين أن تتملص من الاجساد وتهرب معاً
أين الفصول
الهادئة كجرس كنيسة يدق ناقوسه يومياً
ليس لافتتاح الصلوات ، بل ليبارك من استيقظوا من اسرتهم متعانقين
ككل المُدن التي تفقد ثقتها في الشوارع ، فتبيع كرامتها للعابرين
هكذا تفعل الذاكرة يومياً
تبيعني كبشاً ممتلئ الارداف ، عبداً لغرف النساء العاذبات ، ايدي لمن لم يجد ايدي " تطبطب " كتفه
ككل الاشياء الخاطئة في الكون وفي مدننا الزنجية انا اقف ، اترصد الاسئلة الممنوعة / المقموعة من حيث لا ثورة قد تنشأ ، اترصد
الاشجار الهاربة من الشتاء ، بتعرية ما استطاعت من اوراقها الصفراء
البحار ذات الخلاف التاريخي مع الصيادين ، من يسلبونها النعاس ، بشباكهم الحادة
اترصد
الحبيبات الصالحات ، من يهبن اثداءهن للجوعى ، للجنود الحقيقيين العائدين من معارك الحب خاسرين
يهبن ما استطعن من النسيان
ومن العرق الليلي
ومن اصابع دافئة تتحسس الجباه المحمومة بذكريات الموت
هكذا
امضي اسأل ، ثم ابتلع الاسئلة قبل القبض عليها متلبسة
بتهمة البحث عن الممنوع
أين انت
اسأل ويرتد السؤال
كسهم ، يثقب المخيلة التي تفترش سكون الطرقات ، وانشغال السكارى بالتبول
على الصور الفاضحة للاعلانات الماجنة
اين انتِ
وهكذا
اسأل ويخرج السؤال كضباب ، تبتلعه العتمة
والذاكرة المُشاغبة

# عزوز



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى