عبدالرحيم التدلاوي - نجم يتزحلق فوق صفحة عيون الصبايا..

هبت بعض القنوات التلفزية إلى الفندق الفاخر ذي الأنجم الكثيرة، بعد أن علمت ، من مصادرها الخاصة، خبر نزول النجم الرياضي العالمي بها..كانت تبغي تحقيق سبق صحافي بعقد لقاء حواري معه، يكون ذا فائدة للطرفين..
كان الشارع غاصا بالصبايا جئن للتملي في طلعته البهية..و إمتاع عيونهن بجمال محياه و رونق قده..كدن يحدثن أزمة سير لولا يقظة رجال الشرطة الذين قاموا، بشكل سريع، و بكفاءة، بتنظيم الحضور، و السماح للسيارات بالمرور ، دون الإخلال لا بالحركة و لا بمتعة المتابعة..
اشرأبت الرؤوس تتابع كل صغيرة و كبيرة للنجم اللامع، غير مبالية بشيء سواه..:
_إنه يتناول طعام إفطاره..
تند عن المتابعات و المتابعين أصوات التذاذ ، و رغبة في الأكل مؤجلة.. في هاته الأثناء يتسلل بخفة الباعة المتجولون لبيع قناني الكولا و أكياس رقائق البطاطا:
_لقد أنهى طعامه..مسح فمه..ها هو يدخل غرفة نومه..
تنحبس الأنفاس..و تتجمد العيون في محاجرها..:
_ها هو ينحني بود و برشاقة على عشيقته ، " بصوت مرتفع و فيه خشوع " إنه يقبلها بحرارة..
تند ، ثانية ، عن الصبايا خاصة، زفرات و آهات ، تنبعث من أعماق أنفسهن المشتعلة حرقة و اشتياقا، ربما غيرة من تلك العشيقة المحظوظة، و ربما تعبيرا عن حسرة الحرمان، و ربما ..و ربما..تترك الصبايا ثغورهن مفترة عن ابتسامة تستدعي من يروي عطش الشفاه المكتنزة و قد طال أمد انتظارها..ثم تطبقها بعد أن تلاعبت بها ريح الفقد..:
_ها هو هنا..ها هو هناك..
_ و تنتقل الرؤوس ذات اليمين و ذات الشمال في حضرة النجم المراوغ..
لاهثة الأعين و مرهقة الأنفس و هي تتابع بصبر العشاق و لهفة المدنفين زمن إطلالة النجم و تكرمه بقبلات حتى و لو كانت على الهواء..المهم أن تكون بشكل مباشر..:
_ ها هو يصفف شعره و يرتدي أفخر الثياب استعدادا للخروج..
تنحبس نفوس الصبايا و يعلو نبضهن..:
_ إنه يختار الألبسة ذات الماركات العالمية..
و بعيون الجحوظ و التوق يلاحظ الجمهور المتابع لأدق التفاصيل خروج النجم محاطا بحراسه الشخصيين..كان السنا يحيط به و لمعان الروعة يشع منه..
تستعد الصبايا للإحاطة به..تطلب بركاته..تعلو الصيحات الملتهبة..منهن من سقطت مغشيا عليها لمجرد إشارة منه في الهواء..فيما أخريات بدأن يقتربن أكثر علهن يحظين بقبلة ملتهبة يبقينها موشومة في ذاكرتهن يحملنها كنزا ثمينا ليرونها لأحفادهن في ما بعد..في الزمن القادم كخبرة لا تتكرر..
يقوم الحراس بإبعادهن..راسمين سدا منيعا يجهض أحلامهن البريئة..فيقاومن ذلك بالمزيد من الصراخ و العناد و الاندفاع..
الكاميرا تركز على النجم و على اندفاع الصبايا العشقات و الملتهبات حماسا و رغبة..تصور اللقاء و تصيره حدثا تاريخيا مشهودا..ممهورا بالذهب..
يلتفت أحد الحراس إلى صديقه، و يهمس له في أذنه :
_ لا أحد انتبه إلى أن من نحيط به ليس إلا شبيه النجم المبجل..لقد نجحت الخطة..
يرسلان ضحكات قد تكون دالة على الفرح، فرح النجاح، أو على سذاجة المترقبات..
أما النجم الحقيقي..فإنه قد خرج من الباب الواسع متحررا من الألبسة ذات الماركات العالمية..يتنقل في الأسواق، يأكل الطعام و يشرب الماء هني البال من كل مطاردة..
سعيد بغمريته !!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى