ثناء درويش - من يوميات كاتبة "١"

أنا أيضاً كنتُ كبائعٍ جوّالٍ
كذاكَ الذي كانَ يجوبُ القرى
في جُرابهِ أشياءٌ ملوّنةٌ لا تخطرُ على بالٍ
ينادي على بضاعتهِ بصوته العالي ذي الرّنّةِ والإيقاعِ فيتهافتُ الأطفالُ والنسوةُ إليه
وبعدهم أكثرَ وقاراً يأتي الرجالُ
وكلّ يجدُ عندهُ مبتغاه
غندرةُ العروسِ
دواءُ العقيمِ
وبلسمٌ للعجوزِ السقيمِ
فإن لم يجدوا ما يريدون
تركوا توصياتِهم مدوّنةً على دفترٍ صغيرٍ أو في ذاكرتِه التي لا تخون.

أجل أنا بائعةٌ جوّالةٌ وكالحاوي في جرابي فنونٌ من السحرِ والغواية.
أعرفُ دروبَ القلوبِ درباً درباً
و أعرفُ ما تحبّه و تنفرُ منه
وأطوّع بالحبّ جموحَ العقول

أنادي على بضاعتي ترغيباً :
تعالوا ولا تتعالوا
عندي قصائدٌ من حريرٍ هنديّ
وسجّادُ قصصٍ من أصفهان.
عندي مخطوطاتٌ مكتوبةٌ بحبرٍ سريّ من العصر الأمميّ
وأيقونةٌ لعذراءَ سبقت مريمَ بآلافِ الأعوامِ.. تحملُ توأمَها الأبيضَ و الأسودَ
عندي مقالاتٌ تحبسُ الأنفاسَ وأخرى تطلقها طيوراً لآفاقٍ جديدةٍ
هذا خلخالُ قصيدةٍ لحسناءَ
وذاك سلسالٌ من ذهبٍ صافٍ.. لا يخنقُ بل يقودُ العاشقَ مطواعاً لمصيره
وهذي أساورٌ كالسورِ كريماتُ الأصلِ لهنّ خشخشةُ سنابلِ القمح آنَ الحصاد
خذوا ما شئتم بالمجّان من أثيري ولا ضير أن تنسيكم إياه أغنيةٌ هابطةٌ بعد قليلٍ
فإعجازهُ.. أنّه أنفاسٌ آنيةٌ تهبكم البهجةَ للحظةٍ .. لحظة فقط.
  • Like
التفاعلات: سكينة شجاع الدين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى