كنانة عيسى - طمأنينة كاذبة

استيقظت... مرتبكًا،كانت متكورة بجانبي، نائمةً بهدوءٍ غريب، تلفّها طمأنينة جميلة، رتابة أنفاسها أيقظتني.
.وحين فتحتُ عينيّ.. بتثاقلٍ. أدركت مصيبتي
... إنّها هي
قفزتُ بتوترٍ ورعب من السرير الذي جمعنا معًا غير مصدق.
يالله... ماذا سأفعل الآن... ؟!
ركضت... خارجًا من الغرفة في ارتباكٍ ، حلقي جافٌ، وجسدي يرتعشُ، وقدماي مهزوزتان لاتقويان على حملي
ركضتُ مستغيثًا... أرتجفُ في هلعٍ ، أكادُ لا أتنفس وأنا أتعرق كمحمومٍ.
أبحث عن زوجتي... لا بدّ أن أخبرها .. ولكنّني تريثت
ماذا سأقول؟
خوفي يفضحُني، ارتباكي يحرقُ أعصابي،
للمرَّة الأولى أنا مجبرٌ على الاعتراف، ترددتُ أن أقرعَ باب غرفتها حيث تنام بعيداً عني، لن ألومها... فقد أسأتُ إليها كثيراً وظلمتُها أكثرَ مما يمكن لصبرِ امرأة أن يحتويه
خيانةٌ وكذبٌ وتطاولٌ... وهجرُ
نظرتُ حولي، ظلمةُ المكان تستبيحُ سكينةً لا أجدها، وحدها الأنفاسُ المتقطّعة تتجاذبُ خفقان قلبي، سأصاب بأزمة... قلبية ربما؟ ربّما هذا أفضل للجميع.
توجَّهت للمطبخ الذي تسلَّلت منه برودةُ ناعمة، لعلي إن دخنت سيجارة وشربت كأسًا من الماءِ أفقت مما أنا فيه.
وما أن دخلتُ، حتى تسلَّلت إليَّ رائحة النعناع الساخن. فوجئت بها جالسةً كصنمٍ، شعرها ليس على ما يرام ترتدي ثوبها المنزلي البنفسجي السميك الذي لا تحبهُ، وأمامها كوبٌ كبير من الشاي الذي قد صنع للتو، رائحته الدافئة وبخاره يوحيان بطمأنينةٍ كاذبة، لعلها ساعدتني على درءِ ما بي.
كانت عيناها متورمتان ملتهبتان وبقايا كحلِ الليلة السابقة يحيطهما بشراسةٍ, جفّت دمعة بائسة في طريقها السفلي فجأةً في منتصف وجنتها الشاحبة، يبدو أنها بكت لوقت طويلٍ.
اعتصر الألم قلبي، قلت لنفسي "تبًا لهده الورطة" سحبتُ كرسيًا مقابلًا لها وحاولت أن ألج ارتباكي وجبني بإطالةِ النظر لعينيها المطفأتين.
كيف أقولُ لها أنني استيقظت لأجدَ عشيقتي التي تركتني منذ ثلاثةِ أشهرٍ تنامُ بجانبي؟ كأنّها هبطت من السماء.ِكلعنة.
فاجأتني بقولها:
-أتعلم؟... أعتقد أنني أدينُ لك بمعرفة شيءٍ كنتُ قد أخفيته عنك.َ
لم أجرؤ على التّفوه بحرفٍ واحدٍ، كنت خائفًا فهززت رأسي في استغباءٍ وعدم فهم، فاستطردَت:
-هل تذكرُ ذلك الصندوق التي اشتريناه البارحةَ من ذلك المتسولِ، والذي يحققُ الأمنياتِ؟ كما ادّعى؟
أومأتُ برأسي وأنا أخفي ارتجافَ شفتيَّ القارستين
أكملت وهي تشرب شايها بهدوء مستفزٍ فقالت:
-لقد تمنيتُ أمنيةً قبل النومِ وأظنّها قد تحققت
قلتُ لها وأنا أكاد أتلاشى ممازحًا بصوتٍ يتحشرجُ:
-مالذي تمنيته يا عزيزتي؟ أتمنّى أن يكون مبلغًا كبيرًا من المال!
ٍهمست بصوت مريب:
-تمنيت أن نجد الجرأة أنا وأنت على مواجهة أفظع ما قمنا به في حياتنا بشجاعةٍ؟ حتّى نعيشَ بسلامٍ مجددًا
قالت الجملة الأخيرة وهي ترتجف...
-ثمّ...؟
تساءلتُ بصوتٍ خفيضٍ لا يشبهُ أصواتَ الرجال عادةً
قالت وهي تبدأ نشيجًا لا أحبه
لقد استيقظت لأجده نائمًا بجانبي....


كنانة عيسى / سوريا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى