أفراح فهد - حَنينٌ يتوارى في الظلام ..

لم أعد أعرف من الليل سوى دموع تتساتل حد الشَرَقِ بها .. كحلٍّ أهون من مناكفة كابوسٍ يجثم بحلكة الليالي على قلبي الوجيب وخاطري المتهالك من وطأة الأفكار و غربتي الموبوءة بالاختناق والأرق ..

تنازع روحي رغبة الموت أمام دموع صغيري .. و رأفة زوجي بي .. باصطبارٍ أستجلبه من آيات وبقية أدعية لازلت أحفظها .. أبحث بها عن قبس نور يمر ولو ببارقة أمل.. أردد التراتيل لعل روحي تنفض بها عوالق الدنيا ..

-قل أعوذ برب الفلق .. رب ارحمني ..

تتراكم الأسئلة في خضم تهويمةٍ بين الأرق و كابوسٍ متخاطر.. كهمهمة محتضر ٍ على فراش الحياة !

-أهو الموت يا رب ؟! يبسط إشاراته تلوح بالأَجَل ؟

أهو بلاء ؟ أم هو مجرد وساوسٍ ؟؟

صغيري يبكي ..

أحضنه حد التوحد به ..أبكي معه .. ورغم بعض السكينة تنهال الهواجس في تهالكٍ مضنٍ ..

المرض ..

الحرمان ..

الموت ..!؟

رب لا تفقدني إياه ..

يفيق زوجي .. يقترب بحيلة لا يملكها ..

يحاول تدفئة قارس وحشتي بيديه ...

-

- لا تبكِ .. دموعك تقتلني ..

-و الهم يقاتلني ..

أنا معك .. لا تخافي ..

- معي ؟!

"أنا وحدي هنا على أرض لا أنتمي إليها..

حبيسة الغربة ..والبيت المهجور إلا من بكاء رضيع ٍ و صدىً لوداعك يردد : "إلى لقاءٍ مسائيّ" لا يأتي !! "

-لستَ معي ..

أنشجُ مجدداً بالبكاء ... يأخذني نشغ بكائي .. تجفـل أنفاسي ....

أختنق ..أهيم بزوغان المناظر أمامي : بيتٌ لا أعرفه ..ووجهٌ هو جزء مني لصغيري الغافي . تتداخل الرؤى.. حلمي اليومي ..فلا أرى سوى ذلك الطيف بمعمته الحريرية وعبقه الذي يستل مني أصابعي المعقوفة لأتشبث بالحياة ..

يقترب زوجي ..يقدم ِقرَب ماء نفثاته ثلاثاً :بسم الله .. بسم الله .. بسم الله..تلوب روحي ولكن بعيداً عن ارتشاف ..

-ابعدي عنك ظنونك .. فابتعادي ليس سوى تلك الأعمال الإضافية للتكسب ..بها نقاوم ضنك هجرتنا ..

- لكنك لست معي ..

-لست أخونك ..

- ولكنك بعيد ..

-كنت معتادة على ذلك في الوطن ؟!

-في الوطن ..كانت أمي معي ..

- وهي قادمة اليوم ..

كالطفل أهمهم .. أمي ..أمي ..متى ؟

تلوح ابتسامة في وجهه .. وكأنه كان يجس أثر الخبر في نفسي ..

-امممم... وببهجة البشائر يعنيها :بعد قليل ..

أي وعيٍ متأخرٍ يذكرني بأمي .. !؟ كم أحتاجها .. !

ليتني اضمحل بجسدي ..بثوبي .. بصوتي .. لأتكور في قماط حجرها ..

تهدهد تباكيّ بشجيّ صوتها .. لم أكن أحتاج أحداً و أنا في حضن أمي ..

لم أشعر بغياب أحد وأنا قربها ..

كنت أشكو غيابه..فتناغيني بالصبر..لتطرد جل ما أحس..

أكتفي بكلماتها ..

فهل تأتي إليّ ؟

يطل الحنين بزحير أنفاسي .. الباب يُطرق .. أنخزل في مشيي ..

وجهٌ يبزغ رفيفاً ..هل تحملني خطواتي لتختصر المسافة في احتضان ؟!

صوتها الحزين .. دوماً :

-ماذا حل بك بنيتي ..؟!

تندثر البقية الباقية من وهم تمالك ضعفي .. أهطل بدموعي و آلامي وطوفان أحزاني بوادي حنانها .. تخفض علي جناحي رحمة .. ذلك" الحلم الشفيف ".. . يلفني طيف لياليّ الكالح برفيفه ..بغموضه المتجلي بلقاها .. آاهٍ عباءتك يا أمي! .. ذلك الطيف المتواري ..

12/2003

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى