د. علي خليفة - مسرحية يميت ويحيي لنجيب محفوظ

كتب نجيب محفوظ ثماني مسرحيات، وكلها مسرحيات قصيرة من فصل واحد، ولم ينشرها منفردة في كتب له، بل نشرها في حياته بين قصصه، وأغلب الظن أن نجيب محفوظ فعل هذا على سبيل أنه يحتمي بقصصه التي لاقت استحسانا كبيرا عند القرّاء والكتاب في نشره مسرحياته بينها، وأيضا أظن أن نجيب محفوظ في فعله هذا كان يرى أن هذه التجارب المسرحية له ليست مجاله الأصيل، ولهذا نشرها بين قصصه في كتب نشرت له في حياته، ولكنها جمعت بعد ذلك في كتاب بعد وفاته.
وهناك سمات عامة على هذه المسرحيات فهي إلى جانب قصرها تتصف بالرمزية التي قد تصل للغموض أحيانا، وتتصف أيضا بالشخصيات القليلة، وبالحوار ت القصيرة.
أما عن مسرحية يميت ويحيي فإننا نرى فيها الخصائص السابقة، فليس فيها غير غير خمس شخصيات أساسية، وهناك أشباح لشخصيات تظهر كما لو كانت تأتي من عالم الموتى، وأيضا نرى في هذه المسرحية جوا من الغموض خاصة في بدايتها، ونرى فيها أيضا توظيف الرموز، ويمكن أن نرى لهذه المسرحية إسقاطا على ما حدث بعد نكسة سنة ٦٧ - وهي الفترة التي كتبت فيها هذه المسرحية ومعظم مسرحيات نجيب محفوظ الأخرى - ونرى فيها الفتى الذي يمثل الأمة حائرا بين أن يتناسى ما حدث، ويعيش مستمتعا بحياته بجوار الفتاة التي ترمز أمتع الحياة وبين أن يواجه قوى هائلة قد يبدو من الصعب مواجهتها، وبعد صراع طويل يقرر الفتى أن يواصل الكفاح، ولا يعنيه ما يمكن أن تكون النتيجة بعد ذلك حتى لو كانت فيها تعرضه لأن يفقد حياته كلها.
هذا هو مستوى الرمز المباشر الذي يمكن أن تشير له هذه المسرحية، ولكنها على مستوى الرمز العام توحي بأهمية أن يدافع الإنسان عن كرامته وحياته، مهما كان الثمن الذي يدفعه في مقابل ذلك.
ومن الخير أن ألخص هذه المسرحية ليتضح للقارئ الرموز التي تشير لها، وفي بداية هذه المسرحية نرى فتاة جميلة تحاول أن تقنع شابا بأن يتجاهل كل ما في العالم، ويكتفي بان يدفن رأسه في صدرها، وتحذره من أن يستسلم لغضبه، ويدخل في صراعات تنغص عليه حياته، وتبعد عنه لذة الحياة المتمثّلة فيها، ويشعر الفتى ببعض تردد، ولكنه يميل لمواجهة الشخص الذي أهانه، ولكنه مع ذلك يبدو عاجزا عن أن يتخذ قرارا حاسما في هذا الأمر.
وتترك هذه الفتاة ذلك الشاب، ويمر بالشاب شخص يقول له إنه طبيب، وإنه سيعالجه من وباء مسشر، ويعرفه بأن أعراض هذا الوباء بعدية فيه، ومنها تردده وعدم قدرته على اتخاذ قرار.
ثم يظهر للشاب شخص يبدو عملاقا في جسده، ويعرض على الشاب صداقته، ورغبته في مساعدته في مواجهة الشخص الذي أهانه، ثم يظهر ذلك العملاق شروطه لمساعدة ذلك الشاب بأن يهتم بإطعامه وأن يأنس بالفتاة التي معه، ثم يعرف العملاق ذلك الشاب أن ذلك الشخص العدو له قريب له من ناحية أمه، وأنه لا يمكنه أن يكون حليفا له في النيل منه، بل يمكنه وصل السلام بينهما، وتحاول الفتاة ان تقنع الشاب بذلك العرض من العملاق، وتنتاب الشاب حيرة شديدة.
وخلال حيرة الشاب يقابل شحاذا يتكلم بالحكمة، ويعرف الفتى بانه ضحى بالعيش السهل في ملجا ان يعيش فيه من أجل ان يستشعر حريته التي شعر أنها كانت مقيدة في ذلك الملجأ، وهنا يتخذ الشاب قراه بمواجهة عدوه وأي شخص اخر يتحالف مع عدوه، وينال الفتى ضربات موجعة، ولكن أشباح أجداده تبعث من مصطبة تشبه المقبرة، وتساعده في مواجهة أعدائه.


د. علي خليفة


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى