محمد الرياني - عِوَض..

قفْ يابدرُ عندَ المنتصف ، سترهقك المساءاتُ المقبلةُ عندما يفقدُ طلُّكَ الإطلالَ نحوي ، النصفُ الآخرُ منك يوجعني ، يتعبني أكثر ، يظلمُ ويظلمُ شيئًا فشيئًا حتى يفقدني النورَ الذي سكنَ من البداية ، الليالي القادمةُ ستجعلُ دموعي تنهمرُ أكثرَ في الظلام ، لن يراها أحدٌ في غيابِ بعضِك أوْ كلِّك ، لن أبرحَ مكانَ العتمةِ بخدودٍ خطَّ فيها الدمعُ خطوطًا ذات اليمينِ وذات الشمالِ حتى تعود إلى نقطةِ البداية ، عندما أتتني وحيدةً تتفقدني ، أولُ شيءٍ بحثت عنه في غيابِ البدرِ خديَّ الأبيضان اللذان يشبهان القمرَ المستدير ، تحسستْ موضعَ الدمعِ ،شعرت بنتوءات على سطحِ أصابعِها ، سألتني باستغرابٍ عن سرِّ جفافِ البياضِ على وجهي ، أشرتُ إلى السماءِ في الظلمة ، أبديتُ حزني على غيابِ البدرِ وقسوةِ الظلمة ، مسحتْ بكفها على خدي الأيمن مرةً وعلى الأيسر مرةً أخرى ،ثم أعادت الكرَّة كي أطمئنَ أكثر ، كنتُ أنظر إلى الشرق حيث يبزغ البدر ، غيرتْ اتجاهي لأنظرَ إلى موضعِ الغروب الذي يشرقُ منه البدرُ هلالًا ، تهلَّلَ وجهي في الظلامِ وأنا أضحكُ مستبشرًا ، تركتْني أضحك وحدي ، لم أسالها في حينه عن اسمها ، تخيلتُ أنني في حلم أو مايشبهه ، انتظرتُ المساءاتِ الجديدةَ التي سيلمع فيها البدرُ الجديد ، استعظتُ بنجمٍ او نجمين في السماء ، هالني منظرهما وأنا أتعجب من هذه السماء التي تحمل كلَّ هذه السعادة وأنا أبكي على غائبٍ يغيب ثم يعود ، في تلك الليلة لم أنم ، بت أحصي النجوم ، سكنت عيني عن النظر بعد إعيائها من تعب العدِّ ، جاءت الشمسُ في الصباح وكأنها حضرت لتطهرَ آثارَ دموعي.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى