عبد الواحد السويّح - ديكُ الجنّ

رأيتُهَا حِينَ همَّتْ بِرأسِي، هامتْ حينَ رأيتها، وهامَ رأسي. قبّلتُها فجاعتْ وجاءَ النّهارُ مثلَ النّهارِ في رأسي.
قالتْ تعالَ نخبِّئْ رحلتَنَا في قفصٍ ونغلقْ عليْهِ البابَ
شممتُ رائحةَ الوردِ في ذهنِهَا
لكنّها
ليستْ كَمَنْ يجري خلفَنَا كلَّ يومٍ
ليستْ كَمَنْ يخبِّئُ لَنَا الأقفاصَ في كلِّ خطوةٍ
ليستْ كَمَنْ يقدّم لَنَا الوردَ المقتولَ ليلَ نهار...
في كلِّ يومٍ تستعيدُ الحشائشُ شراسَتَها،
شراستُهَا
تعيدُ الحشائشَ إلى الأيّامِ المحاصَرَةِ ونمضي بِالفخاخِ إلى العقلِ
رأيتُهَا حينَ همّتْ بِالعقلِ، وهامتْ حينَ رأيتها،
وهام عقلي. قتلتُهَا فجاءتْ.
كيفَ تجيءُ السّحبُ إلى هذا المكانِ البعيدِ عَنِ العصافيرِ؟
كيفَ لا تتفطّنُ الآلهةُ إلى جنونِهَا؟
كيفَ نحبُّ مَنْ لا عقل لَهُ؟
كيفَ نحياَ؟
هذا النّهارُ الحافلُ بِالدّيَكَةِ وبِأشياءَ أخرى تحتفل بِهَا الدِّيَكَةُ مِثْل الكتب،
والثّقبِ،
والصّلاةِ
قتلتُهَا حينَ جاعتْ وهمّتْ باللّيلِ. لا شيء يعدلُ السّيفَ، لا شيء قالتْ: آمنوا، اشهدوا ألاَّ قتلَ بعدَ قتلِي،
أنا الدّيكُ آمِرُ السُّحُبِ مروِّعُ الورد. قتلتُها ونثرتُ عليها البياضَ. ماتتْ وعُرْفِي أبدًا أحمر،
يا كفنها الّذي مِنْ سُحُبي، ابتعدْ عَنِ العصافير،
لا تحفلْ بِالدّيكةِ الأخرى، اُنثرْ لَهُنَّ الكتبَ
والثّقبَ
والصّلاةَ
تعالَ نركضْ داخلَ القفصِ ونسخرْ مِنَ الأشجار.
أحكمتُ إغلاقَ النّوافذِ هذا المساءَ:
الأنفَ والعيْنيْن والأذنيْن. أمّا الباب فالهوّةُ عميقةٌ وراءَهُ يقطُنُهَا الجنُّ.
سقطتْ نجمةٌ قبلَ قليلٍ، وتلتْهَا أنجمٌ على رأسي
وهامَ الباطن والظّاهرُ وقار.




عبد الواحد السويّح
----------------------

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى