د. سليمة مسعودي - ولأنك الحقيقة الوحيدة..

ولأنك الحقيقة الوحيدة.. في احتمالات الشك واليقين..
وكل ما سواها قابل للمفاوضات..
لأنك طقس السري الذي تنجلي فيه الروح عارية في مراياها الكثيرة..
الذاكرة.. الوقت.. الندم.. الخوف.. الحزن.. الكبرياء..
لأنك طعم الملح في دمع أنهكه الغياب الطويل..
لأنك ارتجاج الموسيقى في ارتجافة المشاعر المتناقضة.. لأنك ريتم المد والجزر.. في بحرنا المضطرب الغريب..
حيث تذهب فيه زوارقنا دون عودة..
و تغرق في قلبه الكبير.
و لأنك الليل النهاري الذي لا ينطفئ داخلي..
ذو النجوم التي لا تغيب ..و تحرسنا من ضياع الطريق..
الليل الذي تحضن فيه السماء ضعف الأرض.. و أحلامها.. وبكاءها في وسائد التذكر والنسيان معا..
تحضنها في حنين أبدي للعناق..
للالتقاء خارج الزمكان والإحداثيات الغبية...
لأنك.. كل هذا.. اعتقدت يوما أنك..الشروق الذي لم يولد للغروب..
الحياة التي تهزم الموت بكل عنفوان طاقتها..
و توفز الروح فيها..
و انطلاقة الأعماق نحو تصاعد النفس الطويل..
فلماذا تجعل للوقت وجه المستحيل..
و للشرفات ملامح الغرباء البائسين..
وللتفاصيل الكثيرة صمت اللامبالاة..
و تأخذ فجأة أحلامنا.. إلى المناطق البعيدة..
و لا يتبقى غيرنا في المرفأ القديم..
نراقب نوارس البحر تعزف كعادتها طقس الوداع الموحش الحزين..
كأنها تحس بقلب الغريب الذي يهم بالمغادرة.. ..
و بعدنا.. لا شيء .. لا شيء تماما..
سوى البحر الساهم يتكسر شظايا على صخور الوقت القاسية..
ونحن غرقى في وجوم الرمل والملح والموج..
و قساوة الذكرى.. تستعيد التفاصيل...
ماذا تفعل وحيدا.. حين تكون في واقع منفى.. و تتلاشى روحك شيئا فشيئا.. كقارة الجليد التي.. يأكلها التلاشى.. والذوبان..
تحاول أن تزهر في هذا الجدب الكبير.. و لا شيء سوى قلق الريح تكسر المجاديف.. حتى قبل أن تهم بالمغادرة..




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى