عزة مسعود - صمت الهوامش..

ظَلّ صامتاً رغم زحام الكلام، وصراعه في الأجواء الرمادية، المترامية الأطراف، على مد البصر عند حدود اللاشيء.

طَوَى المسافة بنظرات عينيه العائدتين من هناك ، مٌتخطيةً أمواج البحر الثائر، يمرر ذاكرته عبر حكايات ماضٍ زائف لا يملك منه شيئاً غير أنه عايشه لدرجة التوحد وهو لغيره.

واليوم وفي هذه اللحظة تساقط منه مع سقوط عينيه عمودية على صفحة الماء، عند التطام الأمواج بالسفينة المسافرة من الشمال إلى الجنوب ..

رفع عينيه،

: اليوم لاجديد، كُنت مجرد هامش في حياة كل من عرفت.

: مجرد هامش أنا..

ظل يرددها في استسلام حتى ثار عند قطع السفينة للحد الفاصل لمياه البحر المتوسط ومياه النيل، فوضع هو الحد الفاصل بين أن يكون على الشاطئ، ينتظر الأمواج تصدمه، وبين أن يلقي بنفسه في تجربة الأمواج .

استند بمرفقه على حافة السفينة، مثبتاً رأسه بإبهامه الذي دكه أسفل ذقنه.

: من أين أبدأ؟

انتابته نوبة من نوبات دوار البحر، أفقدته توازنه بضعة دقائق، بعدها وثبت إليه الإجابة كالسيل “نفسك”.

غاص في القاع، وجد الفراغ، خرج يستنشق الهواء .. قرر أن يفسر الأشياء.

سكب الألوان تداخلت بفرشاته الصغيرة فتجانست وتحاورت بعدها “تمرسمت” فمُ مفتوح ابتلع الفرشاة الصغيرة واختفى .

خاف التيه أو النسيان، فصل الألوان ولملمها كلاً في زجاجته وبدأ التخطيط للرسم بقلم رصاص.

رسم وردة، تساقطت أوراقها من قوة ضغطه على سن القلم، مزق الورقة وفي أخرى رسم هرما، ظل أمامه يتأمل أحجاره حتى المساء.

تقوقع ونام .

فى الصباح حدد إطار برواز، دخل فيه وترك الأخر خارجه يقيم مستوى الرسم، فكان صفراً.

عاود الرسم بالقلم الأسود حدد الوجه وبـ “الكاتر” فصل الزائد “فتزحزح” الوجه إلى اليمين ..

ثم الشمال ..

ثم ..

حاصره “الكاتر” في آخر ركن، بدون قصد خط “الكاتر” خطاً صنع ثغراً هرب منه الوجه .

مات الآخر في الخارج، وهرب الأول من الداخل .

بعبث كاتب ممزق الأفكار أمسك بالقلم الأحمر وخط أسمه حروفاً، ثم رسم عودا به وترا مفقودا وبجواره هامش فيه آخر مصلوب،،

وهمس بصوت داخلي:

مزق

ما

كتبت.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى