ليلى صلاح ميرغني (أبنوسة) - لحظــة كشــف

عندما تم تعييني في أمن المطار لم اعرف أن هذا العمل سيغيرني للأبد ..وسيعرفني على جزء مخبوء من نفسي في أعماق سحيقة ، كانت مهمتي تنحصر في تفتيش أجساد النساء العابرات قبل سفرهن و أثناء عودتهن ، كنت أقوم بإدخالهن منفردات على كبينة مغلقة وأقوم بتحسس أجسادهن للتأكد من خلوها من أي أسلحة أو ممنوعات وذلك بعد تخفيف أجسادهن من بعض ما يرتدينه من ملابس ، أدهشني استمتاعي بالعمل لدرجة كنت عندما أوي إلى فراشي ليلاً أكون قادرة على استعراض كل الأجساد التي تحسستها وقادرة على التعرف على نوع الإحساس الذي منحه لي كل جسد على حده بل و التعرف على خصائص كل جسد من السهل الجاهز إلى المتاح الممتنع .
من خلال هذه العملية الروتينية، اكتشفت إن الرؤية الخارجية للجسد لا تساوي شيئاً أمام تحسسه ، وان الجسد عالم له منطقه الخاص والغريب ، كنت جاهزة دائماً لكي احل مكان أي زميلة لها ظرف يمنعها من العمل ،، كنت أقوم قبل ميعاد نوبتي لأجهز نفسي للعمل و بحيوية يحسدني عليها الآخرين ، كنت احرص على بعض الطقوس قبل الذهاب للعمل كالاستحمام وارتداء أجمل ما عندي وعمل ماكياج خفيف وأخيرا نثر عطر احرص على شرائه بمجرد استلامي لراتبي الشهري ،، كان العمل ممتع ..انتظار القادمات وتوديع المفارقات.. كنت أقوم بتفحصهن أولا ومن ثم أدخلهن إلى الكبينة المخصصة وأخيرا الجزء الأهم من المسألة عندما تمتد يدي لتتحسس أجسادهن ،، هنا كانت تبدءا المتعة الحقيقية للعمل ردود فعلهن أيضا كانت جزء من متعة العمل ، فهناك من تتعاطى مع جسدها ببلادة فيبدو وكأنني أتتحسس لوح من الخشب وهناك من تجفل من أول لمسة فتعطي جسدها حياة موازية لمنظره الخارجي وهذا النوع الأخير كان يعطي العمل متعة خاصة .
أجساد ، أجساد ، مرت من تحت يدي ، المكتنزة البليدة والمكتنزة المشبوبة ، الممشوقة بلا حياة والممشوقة بعطش ..وأخيرا المتلهفة لأي لمسة حتى لو كانت لمسة تفتيش بليد ،، وهؤلاء الاخيرات كانت تنتابني رغبة شديدة في أن اجذبهن علي بشدة وأعانقهن بلطف وأعبر لهن عن تعاطفي الشديد وعن إحساسي بحرمانهن ،، مرت أيام عملي بهدوء إلى أن رأيتها جسد غريب كنت دائماً ما احلم به ، وهي تقترب نحوي تعرفت عليها عيني قبل يدي ، نعومتها ولطفها كان يعلن عن نفسه قبل أن تقترب مني فقد أصبحت لدي خبرة في معرفة الأجساد بمجرد النظر إلى عيون أصحابها ، نظرتها المتكسرة أغرتني بها،كان في عينيها نظرة حزن تجعلك تبكي دون أن تعرف ما الذي يبكيك .. أدخلتها الكابينة وعندما مددت يدي لأتحسس جسدها جفلت تلك الجفله المحببة كأنها كانت نائمة وأيقظتها فجأة لم استطيع أن امسك نفسي كنت راغبة بشدة في تلك اللحظة على أن احتضن حزنها لأضعه فوق حزني وان أضم ضياعها الذي بدا واضحا في نظرة عينيها إلى ضياعي ،بضاضة جسدها في يدي أضاعت ما تبقى من عقلي لدرجة لم اشعر بمقدار القسوة التي أمسكتها بها إلا عندما صرخت ملتاعة وأبعدت جسدها عني بقسوة وصدرها يتهدج ، في لحظة خاطفة كلحظة الكشف فهمت سبب هوسي بتحسس أجساد النساء وفي نفس اللحظة فهمت سبب نفورها من تفتيشي فقد تدحرج كيس الممنوعات الذي كانت تخبئه تحت ملابسها ليقترب المزيد من حرس الأمن الداخلي نحونا ،،،،





  • Like
التفاعلات: تسنيم طه

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى