السعيد عبدالغني أحمد - أناشيد الأناركية والمحو

أنا روح تجريبية
أجرب كل شيء عليّ.
أنا مشروع مطلقي
ومشروع لانهائية العالم.

*

إن الشيء الوحيد الذي جعلت نفسي لا تقاومه هي الفوضى،فتح الابواب جميعها مهما كان ماورائها يؤذيني وأنا أعرف ذلك.والفوضى القادرة على تغيير سير العالم لأن أي تحريك في شروط البداية يؤدي لجوهر جديد.لم أقاوم الفوضى ربما لاني فقدت كل شيء مسبقا فأردت البحث عن كل شيء وذلك لا يتم إلا بتحقيقها.لكنها مضنية جدا بهذه القدرات البسيطة لأي إنسان على تحمل حياة الالهه الميثولوجية ولا يمكن العودة بعد ما اكتشفته في داخلي لأنها أغنتني بالرفض لكل شيء وحجبت مفعول أي نظام في.الفوضى لا يمكن أن توجد مطلقة ولا النظام كذلك ،يظل في كل منهما نسبة في الآخر لكن الفرق في الفوضى الكبيرة أنها أكثر قدرة على الخلق،أكثر قدرة على إجبار المستحيل وتخصيبه على أن يمكن.

أصبحت من شخص فوضوي إلى شخص منتج للفوضى،وأعتقد أني أنتج الفوضى استجابة لشيء عميق داخلي وهو استطيقا الانتهاء،وذلك يظهر منذ طفولتي في التلذذ بحريق المناديل الاوراق،تكسير ما حولي بدون دافع إلا لدافع رؤيتها فقط وهي تجاهد ،هي نفسها تدفعني لافنائها أو لتغيير هويتها.

لا يوجد للفوضى لدي نهاية رغم أني أحلم بالتجاوز بها،تجاوز قدراتي للتخريب،لقدرة جديدة مطلقة للخلق.

*

أكتب ضد تكوين كل شيء
لأشظي المشكل المغرور
وأعمر طاقة الزوال.
عيني على ضفة بعيدة للمعنى
وعقلي النمرود على أصالة الشرق
متصوف رغم ذلك بلا قيد.
في الكتابة أفعل كل شيء حرمه العالم
أهرب الطفولة
الشطح المرجاني
القعور البشعة
وأبقى وحيدا حزينا بعد الكتابة
أجني اليباس والجدب
والموسيقى مرجعيتي الدلالية الجمالية الوحيدة.
أنتحر في مخيلتي كل لحظة
أحيا فيها وسط الناس
أتساقط بينهم كجسم كوني
لادلك ذواتهم بالرقة واللون.

*

وحدتي الصومعة الطائرة
حضارة شرقية قديمة
تمص انفجارات الحزانى اللونية
وتعتقها مع الخمر الردىء
لناسك يبتغي الولادة من جديد.
مليئة بالصلبان والقصائد المتشفعة للسكارى
وحدتي هي وحدتك
قنينتنا الأبدية حاوية الروح
وحوادث والميتافيزقيا والحب
من السهل أن تعرف الوحيد
فرسائله الرقيقة في عينه تلمع للمنبوذات حوله
و الرمادي الكثيف يطوف فيه
سيتحرك نحوك ليخبرك
كم عالما خياليا في راسك
وكم ترديت من أعلى المجاز

*

فعل الدمار لا يتعلق فقط بالتدمير المعروف،بل الدلالة له فيها خطاب لامنطوق في الخلق وفي المعرفة..فالخلق دمار لهوية شيء والمعرفة دمار لفراغ وحث على دمار.الارادة نفسها فعلها الاول فعل تدميري وهو اي فعل،يكسر خوض شيء أو كل شيء.

الخلق تدمير للنظام،وربما هذا الشره لدي لذلك،وربما هذا التوق للعالم للخلق لانه فقط يعيده إلى الفوضى كتجلي بسيط لها.يمكن من أي منظومة الوصول للفوضى بسهولة عن طريق تخريبه وعن طريق تجريده.

اللغة التجريدية رغم أنها أقرب تعبيرية للمعنى هي لغة منتجة للفوضى لأن أحيانا الفوضى تكون فعل كشف للمعنى التائه السائل للعالم والذات.

والتجريد هو الأداة التي يمكن بها العودة لما قبل المنظومة ،للبحث هناك في الفضاء العارم قبل اللغة عن الدروب.

*

أكدس حزن الحضارات الشرقية في قلبي
وحداثة الفوضى في عقلي
وبينهما لغتي تتراوح.
على كفي دم المعنى
وأدوس على صلصال الدلالة.
الشرق ملعون بقلب المتصوف
بحطب صليبه الذي علقه عليه
والورد الحزين الذي نبت من دمه.
وأنا المولود في القرن العشرين
حملت هذه الحديقة الخربة
وألم الفلسفات الحديثة والعدم.
حتى تاهت دلالة هويتي لدي
أنا غامض متنوع الدلالات
لا يحفزه ولا يحفظه الظهور
ولا ينقضه الظل

*

لا أدخر شيئا
حتى روحي
أضعها في كل شيء.
لا أدخر شيئا
لاني لا أملك نَفسي القادم
ولا قصيدتي الفائتة.
أقذف كل شيء ليلا 0ن داخلي
حتى كادرات القبل الأولى
والقصائد الاولى
وبفروسية أتخيل قبري الفارغ.
وروحي غنوة
تروح بين آخر مقامات الصمت،
وروحي بنت هذا المتن الغريب
المدلى من الدهشة المطلقة.

*

ملعون مثل سيزيف
أحمل صخرتي في الشوارع
في القصائد
وأضعها في قبري في النهاية
أو اسلمها لأي مشيع مريد في الحقيقة.
ملعون مثل الضفة الأخرى المحرمة للعقل
ملعون مثل فكرة الانتحار
الزائرة اليومية الاولى عند الاستيقاظ
ملعون ومصيري في جحيم أرضي أو سماوي
وكل هذا لأني ارتكبت حقيقتي
وحميت الزهرة من مقاصف عالمها.
ملعون ولا أعرف من لعنني ولم
ولا أي تعاويذ تفك خواري
رغم أن ماوراء الحجب أصابع حلوة
وصلصال مكوم له رائحة الندى والمطر

*

أتذوق العالم على أنه علكة مرة
سيجارة محشوة بأردىء مخدر
لا حياة لي فيه
ولا في غيره
لأني هيجت فأسي
على الابعاد المنحوتة منذ الآزال
لمست كنهه بالقراءة
وفغرت كنهه بالكتابة
والجمال كان فتيل عدميتي الذي انتهى

*

ضرت اللغة غير الشاعرية بكيان الممكن وكيان الاحتمال وساعدت رغم منبتها الثوري من الشعر على تقوية الوهم بالنظام وأصله.
إن احتمالات الفوضى أكثر من احتمالات النظام للوجود وهذا ما يجعلها شاعرية أكثر.
إن كل ما صرح به الإنسان صرح به خوفا من هذه الفوضى،أي لغة هي نشاط حيوي مضاد لها،كيان الإنسان نفسه بعد الصمت العميق تأدلج من النظام،وفي هذا الصمت العميق يوجد أكثر من الموجود والمجرد.لان أي لغة تعيين.ونحن لا نفهم فقط المنظوم بل نفهم الفوضوي لكن فهمه طويلا ضد البقاء.
يمكن تفجير أي منظومة بتفجير حاملتها اللغة،بالمجاز.المجاز له قدرة المطلق على الإفناء وعلى الإحياء،من حيث جر العالم خارج النظام.

*

لم يرمي لنا نيتشه شاكوشا
رمى لنا قصيدة وغامض.
هدت العالم قصائد غير مكتوبة
فالبعد الإجرامي عميق في الشعر
بايحاء العدم كمدرَك دنس.

*

لا يشفي الطيف المطلق ألمي الان
لا يتجلى معشوقي الحزين أبدا.
مللت الألم كفكرة ضاجعها كل العالم
ومللت الشكوى للمرايا
والعدائية تجاه اللغة.
دمعي ينخر في الأرض
يحفرها
يوشم جلدها
ولا يجدي ترتيب الامل في روحي وإعداده
ففي لحظة تهوى الأسئلة المتكررة عن جدوى العالم
في داخلي المتهمة الاشياء والناس بالقسوة فيه
وزهدي أو ثورتي بلا جمالية
زهدي زعامة للصمت الكريه
وثورتي عذاب لاطلالي .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى