محمد مزيد - مدلول وبدرية.. والجيش الشعبي - قصة قصيرة

يعمل مدلول محيبس عامل خدمة يقدم الشاي وينظف المكاتب في الفرقة الحزبية ( .. ) ، ذات يوم سمع كلاما خطيرا بشأن زوجته بدرية ، سمع الكلام من مسؤول الفرقة يتحدث به مع أحد الرفاق ، من دون أن يعلما بوجود مدلول يقف خلف الباب الموارب .. كان مدلول يعلم ان الرجل الآخر ، الذي يتحدث معه المسؤول هو ابو جواد الاصلع ، الرفيق الحزبي جاره على بعد سبعة بيوت ، وهذا الرجل يكرهه كل اهالي المنطقة بسبب تجنيده لمئات الشباب والكسبة للانضمام الى الجيش الشعبي في حرب ايران الطويلة ، تركته ذات يوم زوجته أم جواد . وقبل ترك أم جواد زوجها الاصلع الكريه كانت تقيم صداقة عميقة مع بدرية زوجة مدلول ، لكن لا صداقات دائمة بين النساء ، حيث جرت ذات يوم بين المرأتين معركة دامية، في الحقيقة معركة من طرف واحد ، في البدء كانت هناك مناوشات كلامية من العيار الثقيل ، قصف مدفعي على بعد سبعة بيوت ، كانت ام جواد هي التي بدأت المعركة ، خرجت من عتبة بيتها بثوبها الوردي وبذراعيها المكشوفتين الى منتصف الشارع تخاطب بدرية " ولج بديران أم الرجولة .. الخ " كل سكان الشارع خرجوا من بيوتهم في ظهيرة يوم الجمعة ، نساء ورجال وشبان وفتيات واطفال وصبيان، ليتفرجوا على المسرحية الهزلية بين المرأتين " تذكرين لما رحنا لمحلات الذهب في الكاظمية " نظر الناس الى بدرية بانتظار ردها وهي تقف بعباءة لا تكشف شيئا من جسدها سوى وجهها الابيض ، واصلت ام جواد ، تذكرين لما قلت لي انتظريني هنا في باب هذا المحل ، ثم دخلت انت الى المحل ، وبقيت انتظرك هناك قرابة الساعة ، وعندما خرجت من المحل ، كنت فرحانة وسعيدة .. تذكرين ؟ التفت الناس الى بدرية ولم تجب على اقوال ام جواد ، تذكرين لما سألتك عن محبس الذهب في اصبعك وقد دخلت الى المحل بدون محبس ، كنت تضحكين ، قلت لي " الزلم امشيهم بهذا ، واشارت ام جواد الى وسطها ، بقيت بدرية صامته تسخر منها بهز يدها اليمنى ، ثم رفعت وجهها ويديها الى السماء ، وأخذت تتمتم بعبارات لا احد يسمع صوتها ، في تلك الاثناء ، بعد أن أنزلت يديها ، تحولت أم جواد ، الى كلبة تنبح وحدها .. أصاب الناس الفزع والرعب ، كيف أمكن بدرية بمجرد أن رفعت يديها أن تحول هذه المخلوقة أم جواد الى كلبة ، صدمة عنيفة أصابت عقول النساء والرجال ، أخذت النساء ترتجف والرجال يصيحون الله اكبر ، ثم دخلت بدرية الى بيتها ، وبقيت ام جواد عند عتبة بيتها تنبح، ولما تعبت وبدأ لهاثها يتافقم ،أدارت رأسها نحو البيت ثم دخلت الى بيتها وهي تهز بذيلها للناس ، وبقي الناس الذين شاهدوا التحولات العجيبة على جسد أم جواد زوجة الرفيق الحزبي الكريه ، بين مصدق ومكذب .
نترك حكاية المعركة من طرف واحد ، ونترك التحولات التي حصلت لام جواد ، لنذهب الى الكلام الذي سمعه مدلول ، عند باب مسؤول الفرقة ، حيث قال الرفيق الاصلع الكريه ابو جواد للمسؤول " مارأيك رفيقي نزج مدلول بقاطع الجيش الشعبي الجديد " اجابه الرفيق المسؤول " ومن يخدمنا ، من ينظف المكاتب ويقدم لنا الشاي والماء " فقال له ضاحكا " زوجته بدرية وهو لايمانع حسب ظني " .
تركهما مدلول ، وذهب الى غرفته في الفرقة الحزبية منزويا ، خائفا من المصير الذي سيلقاه في الجبهة ، وتفاقم خوفه على بدرية التي يعرف براءة روحها وطيبتها وسذاجتها . في البيت عندما اراد ان ينام بعد أن مارس الحب معها ، قالت له لاتهتم أنا لها ، سأكون عند حسن ظنك ولن يلمسني أحد قط ".
ذهب مدلول الى قاطع الجيش الشعبي في ديزفول الايرانية التي أحتلتها قواتنا ، وبقي ثلاثة اشهر هناك وهو لا ينام الليل ، يتقلب على الجمر خوفا على زوجته ، ولما عاد قاطع الجيش الشعبي ، ووصل مدلول الى البيت ، فرح بزوجته وبقي معها يتحدث ويمارس الحب حتى الصباح . ولما ذهب الى الفرقة الحزبية في اليوم التالي ، وجد الرفاق عبارة عن كلاب تنبح في كل مكان من البناية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى