ريم عبد الباقي - هي الحياة..

تسأليني صديقتي ما الذي يجعلني ابتسم في وجه الحياة دائماً..
سأخبرك ما علمتني إياه الأيام..
تعلمت يا صديقتي أن ابقي ذراعي مفتوحتين للحياة بكل ما فيها.. أحزانها، أوجاعها وأفراحها، ألا أهابها، أن اقبل عليها وإن أعرضت عني.
ألا ابقي ذراعي مكتفتين أمامها، استقبلها بالأحضان، أفتح صدري أمامها بلا خوف،
أن ادعها تغمرني بكل ما فيها.
تعلمت أن أستقبل أمواجها المتقلبة بهدوء، وأن تلك الموجات هي ما تعطي لكل لحظاتها طعما ومعنى مختلفا، فنحن نسأم رتابة المذاق الحلو بعد أن نعتاده، تلك طبيعة إنسانية لا نستطيع مغالبتها.
نبحث عن جديد يفاجئنا، مشاعر لم نختبرها أو أحاسيس نفتقدها.. فالسكون يدعو الى الملل، والملل يقتل الحياة ويفقدها قيمتها.
نحتاج لأن نتشظى ونتبعثر أحياناً لنعيد لملمة وتنظيم ذواتنا مرة بعد مرة..
لنعيد اكتشاف الزوايا المخفية التي لم نرها من قبل بداخلنا، لمنع وجودها سابقا،
لنكتشف في كل مرة أننا اقوى مما ظننا، لنصبح اصلب واهدأ وأقدر على التفاهم من أنفسنا والعالم من حولنا.
لم يعد الحزن يخيفني صديقتي..
تعلمت أن احتويه، أصادقه وأروضه.
أن أبقيه ساكنا مهما كانت قوته أتفاهم معه، أستضيفه حين يحل وأبقيه ضيفا مؤقتاً دون أن أمنحه حقا لإقامة دائمة.
تعلمت أن كل تجربة تمر بي مهما بلغ سوؤها ومهما زلزلت كياني ستمر وسأكتشف يوما أنها عادت على بالفائدة.
فالتجارب والصدمات تكسبنا عمقا في التفكير ونظرة اشمل وأفضل.
تعلمت أن معظم المشاعر المؤلمة آنية، ستتغير بعد حين وتتحول لأحجار تدعم أساساتي لأقف أكثر شموخا وصمودا، لأعتليها وارتقي بعيدا عن ضحالة القاع.
تعلمت أن أتقبل كل شيء وأتوقع كل شيء، أن اغلب الحياة بأن أفقدها عنصر المفاجأة الذي تباغتنا به فنقف مشلولين لا نقوى على التفكير برد الفعل المناسب..
ألا أخاف، ألا أتوقع الكثير وأن أبتعد بضع خطوات تسمح لي بأن أرى الصورة بشكل أوضح.
تعلمت أن خطوط الزمن على وجهي وكل شعرة بيضاء تنبت في راسي لا تنتقص من عمري، بل تضيف إليه.. املأ، حكمة، ابتسامة، ومعرفه.
تعلمت يا صديقتي أن التجاهل فن عظيم إذا ما أتقناه أصبحت الحياة سلسة هينة لينة.. فنحن من نعطي الأشياء والأشخاص قيمتها بقدر اهتمامنا وإحساسنا بها.
وأن الحرية تكمن في الاستغناء، تلك هي القاعدة الذهبية فبقدر احتياجك يكون أسرك.
ويبقى اهم ما تعلمته صديقتي.. أن بعض الأفراح كالحلوى تأتي مغلفة بالحزن، تحتاج فقط أن نزيل عنها الغلاف الذي يخبئها ويخفيها عن مداركنا حتى نتذوق حلاوتها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى