تهامة رشيد - حوار عبر مسينجر..

-1-
عندما أمسكت الهاتف الجوال وقرأت رسالته عبر المسينجر بعد انقطاع، قررت ان أرسل له آخر ماكتبت.
وكان شيئا لم يكن.
فهو مرشدي ودليلي وسيبقى هكذا
بعث لي:صباح الخير يامتمردة !كيف حالك وحال أحبابك؟
واسترسلتُ أنا بالسرد الكتابي:
هلا هلا أستاذ، سعيدة لأنك سألت عني
في غياب تواصلنا قرأت عددا من الروايات(٥ أو ٦)
والكثير من الأشعار..
وكتاب لهادي العلوي،
وكتاب في التحليل النقسي لفرويد.
وخربشت كثيرا،وحلمت كثيرا طبعاً.
أرى نفسي كطفلة تحلم يوميا بالمستقبل..
لا تختلف أحلامي كثيراً،
عن أحلام طفلي الصغير ذي السنوات الثمانية.
حلم السفر ،ورؤية أماكن قرأت عنها.
الحلم بالأمن الغذائي والنفسي لبلداننا(رغم انه لن يتحقق).
أفكر كل يوم ببداية لقصة أكتبها..القصة التي في خيالي،تأخذ شكلا آخر على الورق،أقل جاذبية ..
.....

-2-
اشتقت لحواراتنا المتقطعة
أستاذي
قلت لك أنني حلمت كثيراً
ولا ازال أحلم وخاصة في الاشهر الأخيرة.
الحلم بألا أدخل من باب البيت بعد دوامي الطويل،
وأخيب أمل أبنائي بالحصول على بسكوتة من جيب جزداني أو كيس شيبس.
عندما أكون مفلسة تماماً،أتوارى خلف باب غرفتي وأطيل الوقت لتبديل ملابسي والدخول للحمام وحجج كثيرة ،أختبئ خلفها ريثما أخبئ جزداني الفارغ.
عندما أعود (يحدث هذا غالبا خلال ألأيام الأولى من قبضي للراتب العظيم)..
ومعي الهدايا التي هي من أبسط حقوق الطفل..
أصيح:وينكن يا ولاد الماما إجت..ويتعلقون برقبتي..
رغم انني أقصر قامة من بنتاي لكنهما ترتميان في حضني كما لو كانتا طفلتين في الخامسة من العمر..
من قبل كنت أصنع الحلويات في المنزل
لكن انهيار الليرة الأخير وارتفاع ثمن الزيت والسمن..
جعل ذلك شبه مستحيل.
أتحايل في كل الأيام المتبقية بحيث أشتري بسكويتا وحلويات أو موالح بالجملة وأخفيها في درج مكتبي،لأقدمهالاولادي وضيوفي مقننة على مدار الشهر.

-3 -
- مرحبا أستاذ كيفك؟
- هلا تهامة.. تابعي
- قمنا انا وزوجي بشطب اللحوم من سلتنا الغذائية نهائيا..وشطب ثلاثة أرباع كمية الرز،والسكر التي نستهلكها عادة،وطبعا الخبز قننته الدولة.
لتوفير السكر: اختصرت انواع الشراب التي كنت أصنعها يدويا مثل شراب الورد الجوري،والزفير،والرمان
واختصرت المربيات لنوع واحد..
ها قد أقبل الصيف:وسعر قمع البوظة يعادل اجر يوم لموظف الفئة الأولى.
اتوقع أن أتعلم صناعة البوظة في البيت لعلها تكون أوفر.
زملائي في الوظيفة متفائلين بالتغييرات الأخيرة.
رغم المآسي المعيشية، ونزوعهم للهروب خارج حدود الوطن.
أنا ورغم اقتناعي بعدم جدوى الإصلاحات السطحية أوالمسكنات،لكن كل يوم أغمض عيني على أن الغد سيكون أفضل،وبدون هذا الإيمان،لا أستطيع القيام بأعباء اليوم التالي..
.بعد شطبنا لأغلب الرفاهيات..
ومنها أكل البيض..
أصبح مخصصا لطفلي الصغير فقط
زرعنا أغلب انواع الخضار ونعيش عليهاوعلى والبرغل بشكل اساسي(الذي أصبح سعر الكيلو منه ٢٠٠٠ليرة)
وأتفنن في اختراع الوصفات(التوفيرية)
فعندما شلعت(قلعت)الجزر المزروع وبعت نصفه بسعر بخس اشتريت به سكراً
صنعت المربى والجزرية..
وخللت قشور الجزر..
وخزنت جزرا بالثلاجة استخدمه لطبخ البازلاء او السباكيتي..أوو..
الآن تحوي حديقتي:الشمرا واليانسون والكمون ،ودوالي العنب وشجرات تين وزيتون..ورمان..والفول والبازلاء..وطبعا السلق والسبانخ..
والبارحة بذزنا البندورة والباذنجان والفليفلة....
عدا عن الملوخية وأطايب أخرى كثيرة..
وكذلك زرعت الورد الجور البلدي المكبس..والهندباء التي استعملها كبديل للمتة وكذلك أطهوها كما السلق.
وطبعا لا ننسى النعنع والبقدونس والقتة والخيار..
والقرع بانواعه(خفيف وكروي)..
والكوسا أيضاً..
والبطيخ(احمرا وأصفر)
ولدي شجرة أكدينيا وليمون وبرتقال وزفير.
أسهبت في الحديث عن المزورعات-أستاذي- لأبين لك أننا بخير ونأكل خضارا منوعة وشهية ولكن ينقصنا :
اللحم والسمك والزيت والسمن،ومشتقات الحليب.
لذا قررت سحب قرض وشراء عنزة ،أو عدة دجاجات رغم مافي ذلك من مخاطرة،وقد يشتكي الموظفون علي بتهمة الإزعاج..
وهكذا أكون قد أكملت تحولي لريفية،هههه.
فبعد أن كنت تلك الفتاة التي تأنف من الأكل بدون استخدام الشوكة ..
وكانت كل كلمة قد تفقدها شهيتها..
أصبحتُ إمرأة عملية تلبس في الصباح ثيابا تليق بوظيفتها، وعند العصر تلبسُ لباس المزارعين المتلطخ بالوحل ولا تتقزز..
وتقتل الحشرات التي تزعجها أثناء العمل وتتفادى
لسعات النصوح..دون اشمئزاز..
وتلح على زوجها لشراء حيوانات داجنة هي التي لم تأكل لحم الدجاج في مراهقتها لأنها كانت ترى في ذبح الفروج عملا إرهابيا.هههه.
...هل قرأتني دكتور؟
-من اجمل النصوص التي قراتها لكِ
-لكن لا احد يقرألي
-ينبغي أن تكتبي حتى لو لم يقرأ لكِ أحد
-تسعدني دوما دكتور..شكرا لك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى