فاطمة مندي - مخالب شيطانة

شددت رحالي الى إحدى المدن الساحلية،
هاتفت صديقي الذى كان يقضى أجازته هناك، طلبت مقابلته.
جلسنا في
إحدى المقاهي، نتجاذب أطراف الحديث.
قصصت له ما ألم بي:
صمتي بجوارها كان يضج بالصراخ، فلقد سحقت ادميتي، ونشبت مخالبها في شغاف قلبي، عيناي تفيض ملحاً لا يداوي جرحي،
اتشحت الدنيا أمامي بالسواد، تندثر علامات الطريق من إمامي وسؤال يمزق أحشائي
أين المفر من شعور يقتلني؟ مرارا أحاول الهروب من جلد قلبي بسياط محرقة، قادتني قدماي إلى طريق طويل لا أعلم منتهاه، رجعت أدراجي الي منزلي بعد عدة ساعات من السير، لم ادرك ولم أع كم من الوقت مضى؟ أو في اي الطرق كنت اسير؟
أخبرتني ابنتي بأن وجودي أصبح غير مرغوب فيه، وعلي أن أغادر المنزل وبلا عودة.
كنت معار كمدرس كما تعلم لقرابة خمسة عشر عام في إحدى الدول العربية، كنت أعيش أول سنوات زواجي معيشة جدباء، الي أن سافرت أنا وزوجتي وأبنائي في إعارة، كنت أُعاملها كملكة، كنا نعيش أنا وهي واولادي حياة مترفة، كنت أغدق عليهم الأموال، أرسلت لأهلها أموالاً؛ كي يشتروا لي قطعة أرض، كما أرسلت لهم الأموال للبناء، اشتريت منزلاً في بلد ساحلي كي يكون لهم مصيف، كما اشتريت لهم سيارة.
كنت أُعطيها كل مليم وأترك لها حرية التصرف، مللت الغربة، قررت النزوح الي بلدي، والرجوع الي وظيفتي، ليتني كنت عدلت عن قراري، وسمعت منك تحذيرك لي أن البلد في ركود.
بدأت مشاكلي مع زوجتي تزداد يوماً بعد يومٍ، وكما تعلم أنها تأخذ كل مرتبي وتترك لي جزء بسيط للمواصلات وسجائري، وكما تعلم أيضا تأخذ إيجار شقق العمارة والمنزل الذي في البلد الساحلي أيضا.
لم تكتف بكل هذا، كانت تطالبني بالبحث عن عمل بعد المدرسة، وكنت أرفض.
ازدادت مشاكلها معي، كما ازدادت مع جميع معارفي كدئبها ، حتي انزويت وراء الكمبيوتر؛ كي أتحاشى الصدام معها. تشوهت معالم علاقتنا كأزواج، ونجحت في استمالة ابنائي إليها.
في كل مرة تفتعل صداماً، وترتفع سقف خلافاتنا، وتبتعد عني عدة شهور؛ كي تحرمني من حقي كزوج، وأعيش الحرمان.
تكورت في شرنقتي عدة سنوات، ومن وقت لأخر تتحدث بصوت مرتفع وتطلب طلاقها.
في الأونة الأخيرة ظهرت لي حورية من الجنة، أو أنا تخيلتها هكذا فجأة كطوق نجاة من وراء الساحرة البلورية، تدفقت مشاعري نحوها دون هوادة، وكنت انزلق معها ولا أستطع تحجيم مشاعري؛ وكأنني ارض بور نزل عليها المطر بغزارة ولم يرتو عطشها بعد.
كنت كطائر حلق في السماء بعد أن فقد القدرة على الطيران،
فحلق في السماء بسعادة.
ازدادت مشادات زوجتي مطالبة بالانفصال.
قلت لها: موافق علي الأنفصال.
فلقد وجدت ضالتي.
قالت لي: شرط أن تكتب لنا المنزلان،
هي طلبت منك هذا يا صديقي في أحد المشادات، وأنت نهرتها من اجلي.
تحشرجت الكلمات في حلقه، وانتحب بكاءه.
اخذ منديلاً ورقياً يواري به دمعاته المتساقطة من عيناه وأنفه،
استكمل حواره : الأن كتبت لهم كل شيء لها ولابنائي كي أهرب من نار اوقدتها لي منذ سنون، وشر مفخخ تزرعة بيدها لي منذ نهوضي حتى ميعاد نومي.
بعد الأنتهاء من مأربها عملت لي محضر عدم تعرض، كما أوكلت محامي هي وابنتي برفع دعوى ضدي كي؛ تأخذ باقي مستحقاتها التي تنازلت عنها بورق رسمي عند الطلاق.
يسند كوعة على الطاولة أهلت مدامعة بسخاء التى تسترسل من عينيه ومن الانف، فأخرج علبة مناديله الورقية، أخرج عدة مناديل كلما مسحها أهلت متلاحقة، يمسحها ثم يتلفت حوله يخشى أن يراه أحد.
حدثه صديقه: علمت نهاية قصتك، لقد عزفت عن رؤية الحقيقة التي اوضحتها لك مراراً.
نظر إليه في حسرة ونظرة منكسرة معقبا :
لم أبال بضياع ثروتي، ولكن ما قتلني
مشاركة ابنتي في قتلي، كانت كلماتها هي أخر مسمار في نعش قلبي المهترء.
عقب الصديق : لقد لوحت لك بالحقيقة.
استرسل: احتفظت بي إلى حين تملكت اموالي فلفظتني كدخان سجائري.
غادرتها بعد أن دمرت كبريائي كرجل وأكتشفت حجمي الحقيقى في نظرها، مصدر للتمويل فقط.
ليتني سمعت منك، رجعت الى نفسي بعدما أتعبني غبار قسوتها وثرثرة ظلالها، لا أملك من العمر، سوى أحلام مبتورة، لملمت كرامتي المذبوحة علي باب طمعها، وبقبضتي اخرجت خافقي من صدري والقمته للغضب وللأنتقام مني ومنه، لقد لفظتني ابنتي معها، تمتم قطار غدرهم بعجلات مميتة ؛ فدهسني وبعثرني إلى أشلاء، لاأجد في نفسي شجاعة أتحمل بها نظرات من نصحني.
والأدهى لقد افتعلت زوجتي حساب وهمي علي الفيس، وكانت هي حورية الفيس بوك، استغلت قلبي الملهوف الظمأن للعواطف، وشاغلتني بكلمات لم اسمعها منها يوماً، وبعد كتاباتي لها كل ما املك؛ املأ في بداية حياة خالية من النفاق، مع من ظننت انها ضالتي، لم اعلم أنها هي نفسها زوجتي إلا بعد فوات الأوان، واختفى حساب من كانت تشاغلني.

فاطمة مندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى