ياسر جمعة - باب..

أقفُ أمام بيت المرأة التي رفضتْ أن تتقاضى أجر ليلتها عندما عرفت أني لا أريد منها غير أن تحمِّمني.. فقط تحمِّمني، تحمِّمني بيدَيْها وهي تغنِّي لي، وتمشِّط شعري بعد أن تساعدني في ارتداء ثيابي، ثم تجلس بجواري في السرير وتتحدَّث، تتحدَّث في أيِّ شيء حتى أنام.
أقفُ أمام بيت المرأة التي سمعتْ ما قلتُ لها دون أن يصدر عن ملامحها أيِّ سخريةٍ، بخلاف ما توقَّعتُ، بل توقفتْ عن مضغ (لبانتها) وهزَّتْ رأسها مبتسمةً وركبتْ السيارة وهي تلملم ثوبها على صدرها المكشوف.
أقف أمام بيت المرأة التي أعطتْني معانٍ لم أختبرْها قطّ إلا معها، في ليلةٍ، ليلةٌ بعمر، ليلةٌ أكبر من عمري.
أقف، في هذا الصباح القاسي، أمام بيت المرأة التي أخبرتْني باسمها الثاني، الحقيقي، وهي تسجِّل عنوانها ورقم هاتفها في دفتري الصغير وتقول:
"ده الرقم اللي مع إخواتي وأهلي".
أقف أمام بابها وأنا أستعيد ضمَّتها الأخيرة لي، قبل انصرافها، بعد وجبة الصباح التي أعدتَّها لنا، وقد ارتفعتْ كفِّي، ولكني أتراجع عن طرق الباب.. بابها، وأرتجفُ كطفلٍ رأى بعين خياله رجلًا آخر غير أبيه مع أمه، وأبتعد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى