د. معاد كريفش - المدينة

"المدينة"

صمت الأحجار
أعشاش إسمنت
غابة من ضجيج
عوالم مهجورة
براكين ..تنضج
تحت الركام
تجثم المدينة
على قلبي ..
حزينة.. رمادية
كالدخان
تكبر..وتتكبر..
ثقيلة..مثقلة
ولاَّدة - قاتلة..
تتبختر وتتنكر
وأنا أمام هولها.. نملة
على هوامشها أتذكر
ماذا أضيف أو انقص الآن..
من خريطة الزمان والمكان
ماذا أضيف الآن أو أنقص
من شبح ينقض ..و يتمدد..
وكم أشرب من ضباب لا يتبدد.

هذا المساء..
تتنهد المدينة
جميلة جريئة..
لا أحب امرأة
لا تتذكر
لا أحب امرأة
تدير ظهرها للبحر

أصرخ من على صخرة
وداخلي بركان يغلي
وقلبي صرخة أوبرا
أين اليخضور؟
أين العصفور؟
أنَّى نور هذا الظلام؟
وأنى طهر هذا السخام؟

قاسية..
تكبرين وتعبرين
شوارع النكران
وأزقة النسيان
هائمة..
خائنة-وفية في آن
جمالك أسوار
وسوادك أنهار
من أنت لولاي
لولا ملايين
مني.. غيري
ومن أنا
في هذا الزحام !

على الشارع القديم
كنت شاعرة
تذكرين ؟!
كنت آسرة
ليتك تعودين
أين الماضي
وأين الحاضر؟
كل الخاطر..
مات الشعر
وانتحر الشاعر !

فهل ماتت المدينة..!؟

أتمشى هذا السحر
على الطرقات اللولبية
حاملا إياك
نعشا على كتفي:
من اغتال غزالة؟!

متاهة...باهتة
تمحيني المدينة
تلقيني نقطة ضوء بعيدة
في عتمة المكان
تشربني قطرة ماء
في صحراء من عمران

ولادة.. قاتلة
كم أسلت من دموع
وكم خنقت من شموع ؟

باهتة منهوكة متآكلة..
تجترني المدينة
تمحيني المدينة
تحيلني
على هوامشها
ذرة من غبار..
تخرسني
صمتا لا ينتهي
في الأحجار

أمشي في شوارعها
شبحا يصرخ
"كان كأن لم يكن"
منفيا في صمته
هائما تمتصه غيمة
تحت مطر أسود مدرار..
هاربا كمن كسر ذراع العفريت
"أنا المدينة..والمدينة أنا"

أبحث عن مربع عشب
عن كوة إلى شساعة
عن نافذة
إلى شمس لاتغيب..

هذا المساء
كانت المدينة تتراجع
تحت غيمها القرمزي
تشرب ظلها
وفي صمت مهيب
تطوي آخر خطواتها
نحو الشرق

هذا المساء..
تبكي المدينة
دمعا على كتفي
وتغتالني بدم بارد
وتمحو ذاكرة النسيان.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى