د. علي خليفة - مسرحية إلكترا للشاعر الإغريقي سوفوكليس «496 ق.م405 - ق.م»

هذه المسرحية هي ثالث روائع سوفوكليس التي وصلت إلينا من مسرحياته التراجيدية، وهي أيضًا من روائع المسرح الإغريق على الإطلاق. وتأتي قيمتها بعد مسرحية "أوديب ملكًا"، ومسرحية "أنتيجونا" لسوفوكليس.
وحوادث القتل تكثر بهذه المسرحية، كما هو الشأن في مسرحية "أوديب ملكًا"، ومسرحية "أنتيجونا"، ولكن مسرحية"أوديب ملكًا"، ومسرحية "أنتيجونا" نرى حوادث القتل فيها مع نهايتها بعد أن يكتشف أبطالها المآسي التي انساقوا إليها؛ ولهذا فالنهاية فيهما مفجعة، ويصح أن نطلق عليهما لفظ التراجيديا. أما مسرحية "إلكترا" ففيها نرى سردًا لحوادث قتل، ثم تنتهي بقتل أيضًا، ولكن النهاية التي انتهت بها هذه المسرحية تشعر المشاهد بالراحة النفسية؛ لأن القتل الذي تم في نهايتها لكليتمنسترا وعيشقها إيجستوس على يد أوريستيس بن أجامنمون وكليتمسنسترا كان قصاصًا عادلاً أمر به الإله الوثني "أبولون" انتقامًا منهما لقتلهما أجامنمون حين عودته من طروادة منتصرًا.
ولهذا لا نرى في قتل كليتمنسترا وإيجستوس في نهاية هذه المسرحية ما يمثل الفجيعة التي تكون في التراجيديا، وتعمل على حدوث التطهير بإثارة عاطفتي الخوف والشفقة، التي تحدث عنهما أرسطو في كتاب "فن الشعر"، ولكن الذي يحدث هنا بقتل كليتمنسترا وإيجيستوس في نهاية هذه المسرحية يؤدي لراحة المشاهد بتحقيق العدالة، وللإحساس بالتشفي من القتلة الذين نالوا جزاءهم في نهاية أحداث المسرحية.
ولهذا تعد هذه المسرحية أقرب للدراما بمفهومها الحديث منها للتراجيديا، أو هي نوع آخر من التراجيديا، تكون حوادث القتل في نهايتها من أجل تحقيق العدالة، وراحة الجمهور، وليس من أجل التطهير بإثارة عاطفتي الخوف والشفقة.
ومن هنا نرى أن التراجيديا اليونانية لم يكن لها خط واحد محدّد،
بل كان لها خطوط متفرعة، وبعض التراجيديات اليونانية التي وصلتنا
أقرب للميلودراما منها للتراجيديا، كمسرحية "فيلوكتيتيس" لسوفوكليس، ومسرحية "أوريستيس"، ومسرحية "إفيجينيا في تاوريس" ليوربيديس.
والعقدة في مسرحية "إلكترا" أقرب لعقد المسرحيات والروايات التي تقوم على حواث الاغتيال، ففي هذه المسرحية نعرف من بدايتها أن أوريستيس قدم إلى وطنه أرجوس – وقد صار شابًّا قويًّا – مع مربيه الذي هرب به من هذه البلاد وهو صغير بعد أن قتلت أمه مع عشيقها إيجستوس والده أجاممنون عند قدومه من حرب طروادة.
ويتحدث أوريستيس مع مربيه عن الخطة التي دبراها لقتل أمه كليتمنسترا وعشيقها إيجيستوس المغتصب لملك أبيه، ثم يبدآن في تنفيذ هذه الخطة، بأن يدعي المربى أنه قادم من بلاد الفوكيس، وأنه يحمل لملك هذه البلاد وملكتها البشارة بمقتل أوريستيس خلال قيامه بالألعاب الأوليمبية.
وتحزن إلكترا أشد الحزن لهذا الخبر، في حين تبدو كليتمنسترا سعيدة – إلى حد كبير – لأنها بهذا تخلصت من مخاوفها في أن يأتيها ابنها هذا ويقتص منها بقتلها؛ لأنها قتلت أباه بمساعدة عشيقها إيجستوس.
وتحاول "إلكترا" أن تغري أختها "كروسوتيميس" بمعاونتها في قتل أمها وشريكها المغتصب لملك أبيهما؛ ولكنها تتخاذل عن مساعدتها؛ وتقف موقفًا شديد الحذر، كما هو شأن اسمين أخت أنتيجونا في مسرحية "أنتيجونا" حين حثتها أنتيجونا على أن تساعدها في دفن جثة أخيها بولونيكيس الذي رفض كريون دفنه؛ لأنه جاء معتديًا بجيش أجنبي على مدينة "طيبة" ليأخذ حكمها من أخيه.
ويظهر أوريستيس أمام إلكترا على أنه شخص أتى حاملاً رماد أخيها بعد موته وحرقه، ثم يعرفها بحقيقة نفسه، فتفرح، وبعد ذلك يقتل أمه، ثم يأتي إيجستوس سعيدًا بما سمعه من خبر موت أوريستيس، ويعتقد أن الجثة المغطاة هي لأوريستيس، ثم يرى أنها لكليتمنسترا، فيعرف أنه وضع في شرك، ويقتله أوريستيس سريعًا، وتنتهي بهذا أحداث هذه المسرحية.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى