عبد الحميد شكيل - شعاب الكلام

ما الذي يجعل الماء كظيما، والسماء شحيحة بالمطر ؟!
ما الذي غير لون البحيرة ، وأضفى ظل الغبار على منعرجات الطريق ؟!
ولوح للطير الجريح بالمناديل الدافئة..
ما الذي خطط للنوارس هجرتها ، وأعطى
السفن الراسية جواز مرور ؟!
وأعتق البطَّ المشتت في ديار العروبة..
وأفتى بأن المدينة العربية: عاشقة للرجال،
وقاتلة للوجوه المليحة وشاربة للدم الشّاخب من خدود الكعبات ؟!
ما الذي أعطى الإشارة ؟!
ما الذي سحب النّضَارة ؟!
ما الذي شطب الزرقة من عين السماء وشتت في الأفق بقايا الربيع وعتّق الدمع في مآقي الجداول ؟!
وسمّر الطير في مياه الجزيرة؟!
ها أسماك " الوادي الكبير" تتظاهر في قرية
" وادي الزهور" تعلن رفضها المبدئي للزيف
المقرر بثه في شعاب المدينة ؟!
وأن " البلوط" المقدس: يصدر بيانات الإدانة
ضد الذين زعموا بأنه قد تخلى عن لونه القرمزي ، وأن قشرته قد تُحوّل وجهتها صوب شجر الجوز والبرتقال.
3_ ما الذي غيّر شكل " الدردار" وزيّف نبتة
" القندول" وأبدل خضرةِ "الزّان" بلون الحجارة/ وصادر تعاليم المدينة؟!
وقال بأن البحر عاتبٌ على قرية" وادي الزهور"
وأنه عازم على الرحيل صوب الضفاف البعيدة
وقال..وقال..وقال..
بأن الريح تجد مصداتها في جنبات المدينة/
وفي بساتين اللوز و السنديان.
4_ ما الذي أخرج البحر من البحر وصبّه في
عيون هذي الصبية؟!
ما الذي قتل الطير المحلق في فضاءات المدينة؟!
وأعطى دمه للريح الغربية..
ما الذي نقًّط الدرب بدمي، وعلّم المنعرجات
بنثيب العظام غير انتِ يا قصيدتي المستحيلة...
ويا فصل عمري المشتّت في شعاب الكلام.

√ الشاعر عبد الحميد شكيل
- وادي الزهور/ 31 مارس 1986.

* نشرت في مجلة "المجاهد الأسبوعي" -رحمها الله- في 06 جانفي 1989

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى