عبد الأحد بودريقة - فـلتسد يا أزيز الصمت !


تشرق الشمس
تدور الأرض
يتقدم الليل ببطء .. ثم ماذا ؟
أخطو وأتنفس .. والباقي خدعة
أنا فقير في تفاصيلي
مجرد دائرة يحفها الصمت
تخذلني إذ تنكسر موجتها صدفة
وتهب أغنية مرة كالصرخة الأولى
ما الذي يسقط ليدور، ليعلن وهما أطفو عليه ؟
مرة أحس بلسعة البرد
وأنا أُصغي للصدى ينشر صلاته فوق اللغة
ومرة أحتاج المعنى لأخبئ روحي
بداياتي دائمة ، والخطر متواصل
الحياة لعبة رديئة دون رقص
الحبر غامض وخادع إذ لا ينبجس من هواء وضاء
ليمنح جرحا ناعما ويعلم التخفي وتناول النار
أنا طفل زحف كثيرا في الظلام ،بين ركام موتى يتكلمون
طفل يكره الأجراس ويريد أن يلعب
خارج مسرح الخير والشر ،
خارج قوانين الفرجة والأشباح
أنا هكذا ، لم أكذب على نفسي وأخترع السعادة
تعلمت من السقوط كيف أعلو
ومن العزلة كيف أمتلئ
ولي دائما ضحكي يحرسني من شوكة
الإقامة في الطين وجرح الغبار الذي يسقط من الصور
لا تنزعج !
أنا لا أكتب الشعر،
أُمرن جسدي فقط على إيقاع الفراغ
أرتطم بالسؤال
وأرفع الصمت عاليا لكي أتنفس المحبة وأمشي على الغيوم
لا أفسركيف ؟ ولا لماذا ؟
يتلألأ في الرغبة والحلم والصد فة
فيتدفق الماء ،تشتعل النار
وبينهما تولد الموسيقى
أغتسل في ضوئها وأولد في مسكن المحو والحـيرة
على الصفحة أنتظرذاتي لأفـترعَ بها البياض
ما أبهى
أن أقف دائما أمام : "لا أعْرف "
أن أستسلم للرعدة البهيجة
لنقطة علمتني الرجوع إلى محل الفيض،فلا أنطق !
أنا صاحب بلوى وحروفي حريق
كل الجهات ينتصر فيها الحرس
تحرق كتب ابن رشد
ينتحر خليل حاوي ويقتل فرج فودة
ومفتونا بالحب والحلول يصلب الحلاج
ليكن أيها النور!
عِشقك قديم وعلى الشفاه يجيء صمتا مصقولا وبهيجاً
لا سلب يدركه ، لكن الخط وراءه سكين
وليس لي إلا أنت شاهدي
فلتسد يا أزيز الصمت !
فلتسد!
لعلي أولد نفَسا
تنضج فيه فواكه غيم
لا تستعير فخاخ الغرائزلتصنع حكاية
تدندن مع دخان الوقت ،
أوتجعلني أحتـفي بمشهد سمكة تسيل حياتها على جدار المطبخ
لعلي أصمد جيدا في مركز الدائرة
أُلملم حرارة الجرح
وأَتحد ث معي لا غير
أنا الحقيقي واللاحقيقِي ،عابرلا يصل
منتصر ومنهزم بين جدران نفسي
لا أُريد أنْ أسمع غير من فقدتهم
وتركوا ظلهم عندي مبهما كمجاز
أريد ظلمة بيضاء
وعينا تخرج منها، كبيضة "هيرونيموس "، تمحو عني كل هذا التأويل
أريد وردا عنيفا
حريقا غامضا أسمي به نفَسي
أريد طريقا تكون بصري ليس فيها وقت ولا إمكان عودة،
فقط ، برودة قصوى
ولا أسمع فيها إلا موسيقى الهواء
تأخذني أبعد من حاضر يتكلم فيه أبناء جنة المعنى
أريد نسيانا مضيئا
يجعلني صامتا أحترق بالحب
أريد أن أختفي
وأُزهرصبارا في الثـلج .
لا أحتاج إلى أجراس ،ماعدت أسمع
لا أحتاج إلى صدق ولا إلى كذب ، فلا تربة هنا
وأنا ما عدت أعرف مكانا أبيض وأنقى من ورقة
يتقطرعليها جرح الأبد ،
وأَنفاس مترعة بالدخان ، تنام على حيرتها ولحظة صحرائها
لا أريد حلما تنفخه الريح
أريد جسدا أكثر صمتا من تابوت
أُريد كتابي غيمة تخرج عن فضاء البشر
!ما أقسى أن نفهم حديث الأشلاء
أنا كارثي لا أبتهج بالحياة إلا داخلي ،
أكره أناشيد الموتى
وأحب هيبة الصمت تـقـتات بظلمة الأعماق
تحاصرالأرض والسماء بالضحك
بالشطح الذي لا شكل له
بالغربة التي تلبس عريها ولا تغـني لأحد
بكلمات لا تكتب ، أتركها تتقطر في رغوة النوم
لتختفي في عظامي وتسكرني بالفراغ
تنسيني في ألغام الوقت
تجعلني بين الصوت والصمت برأس منبوذة في الصحراء تـقهقه من النجوم
ملعون هذا الحجر المظلم الذي يسمى العالم
مُرّأن أقول أني أحب الشمس
مُرّنهاركم أيها العابرون من العدم إلى العدم
أيها الحالمون بقلوب منطفئة
ما أفرغكم .. ما أفرغكم !
الأرض تدور
وأنا أنصت للخريف من حولي وللخسائر داخلي
للأعمى الخفي الذي يفترش الغيــوم
ويضحك في أعلى المرتفعات
حيث كل شيء في الأسفل :
الأفاعي والذئاب
ووجه الإنسان الذي يـتلاشى في الشباك !

نوفمبر 2019

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى