بدوي الدقادوسي - النتاش

انتظر حتى شعر أن الزميل الجديد قد استغرق في النوم، بهدوء فتح باب الغرفة ، اتجه نحو الثلاجة، كشف غطاء إناء اللحم، أحصاها، أخذ يقتطع من كل قطعة جزءا، جمع الأجزاء في رغيف وأخذ يأكل بسعادة، عاد أدراجه، استلقى على ظهره وهو يحرك يده على كرشه المنتفخ كحامل في شهرها الأخير .
حين شعر بزميله يتحرك مغادرا الغرفة، اقشعر بدنه، ظل كرشه يضمر يضمر حتى صار ملتصقا بظهره .
هل تعجلت حين عرضت عليه مشاركتي المعيشة بدلا من هذا الفيلسوف الحاقد الذي تركني وذهب للغرفة المجاورة مع الآخرين؟
أساء لسمعتي وادعى أني أسرق الطعام وأغالطه في الحساب كل شهر ! وأني أنتظر حتى يغط بالنوم وآخذ جواله وأطمئن على أولادي! لقد أخطأت حين نسيت نفسي ذات ليلة وظللت أتحدث إليهم حتى نفد رصيده ، يا لطيبة قلبي التي تفضحني ! كل مرة كنت أحرص على الاطمئنان عليهم وأغلق سريعا وأمسح الرقم من قائمة المكالمات حتى لا يفطن لما أفعله .
ولكن ما المشكلة أن أطمئن على أهلي من جواله ؟ أليس ذلك أفضل من أن يستهلك رصيده في الحديث مع هذه وتلك طوال اليوم ؟ وهو يظن أنه روميو ! ويضيع ماله في اللبس والسجائر والمظاهر الفارغة . وأنا أولى بكل مليم لأتم بناء بيت يأويني وأولادي الذين صاروا بالجامعة ؟
ولكن هذا الجديد يبدو أنه لص سيسرق الطعام ويستغلني .. حقا الغربة تكشف معادن الناس ! وكم حذرني الذين سبقونني للسفر من أن يستغلني الآخرون ! ألا ترى أنه يشبه لصوص الأحذية من أمام المساجد ؟ سأخرج لأمسك به متلبسا بجريمته وهو يسرق قطع اللحم من الثلاجة، سأفضحه ليعلم الزملاء في " الكومباون " أني شريف وهم اللصوص .
بهدوء فتح باب الغرفة ؛ سار على أطراف أصابعه ؛ وجده جالسا ممددا ينفث دخانه بصمت ، اتجه صوب الثلاجة وجد قطع اللحم كما هي، تنفس الصعداء مرر يده على كرشه المنتفخ ؛ شعر بارتياح ، نظر نحو زميله رآه وديعا جميلا لا يشبه لصوص الأحذية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى