د. أحمد إبراهيم الباسوسي - سيارة طائشة

مثل الطلقة طارت السيارة فوق الأسفلت، ضربت بعنفوان من الخلف سيارة أخرى قديمة يسكنها أربعة صبية كانوا يمرحون بنزق مع خيوط الصبح الهابطة توا الى الأرض. صوت الارتطام مزق السكون الوديع بقوة مرعبة، استحال الليل الراحل الى بؤرة رهيبة من الهلع والخوف والرعب. تطايرت شظايا السيارة القديمة مع بقايا الصبية الصغار في الهواء الندي الذي تنسمته أنوفهم توا، قبل ان يدهمهم القدر الطلقة الذي لم يظهر في المرايا الأمامية والجانبية للسائق الصبي. النفر القليل من الناس الذين استدعاهم صوت الارتطام العنيف جدا شاهدوا بقايا قطع حديدية وبشرية مبعثرة فوق مساحة كبيرة من الأرض، دون ان يسمعوا صوت همسة بشرية واحدة يضوي من الألم أو الاستغاثة. السيارة الطلقة عرفت طريقها الفسيح بعيدا عن رادارات اولئك الذين ارعبهم صوت الارتطام العنيف وانشغلوا بتجميع بقايا الحديد والبشر في حضرة تلك النسمة الندية، والسماء التي اكفهر وجهها وذرفت دموعا سخية على صبية الثانوي الذين وضعت طلقة السيارة الطائشة حدا حاسما لتعلقهم بتلك النسمة الندية، وهذه الموسيقى الساحرة التي ملكت وجدانهم ومشاعرهم لدرجة الرقص والفرح في ذلك اليوم العصيب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى