سمير عبد العزيز - غروب الشمس

فى عصر أحد أيام شتاء 1982كنت عائدا من مدرستى الثانوية التي تبعد بمسافة ليست بالقصيرة عن منزلي الكائن في منطقة السيدة زينب بالقاهرة وصلت المنزل وطرقت باب الحجرة التى نعيش فيها فتحت لي شقيقتى الصغرى التلميذة بالأبتدائى ودموعها تنهمر من عينيها دون توقف ..أصابنى الذعر و سألتها لم تبكين قالت وهي تمسح دموعها بظهر يدها : لقد حضر زميل أبى فى العمل وأخبر أمى بأن أبى تعب فجأة وتم نقله الى المشفى وذهبت أمى برفقة جارتنا أم فاطمة معه الى هناك ..سألتها وأنا أرتجف من شدة الخوف: فى أى مشفى نقلوه ؟ قالت وهى تشهق : لا أعرف تركت شقيقتى وغادرت الحجرة وأنا لا ألوى على شئ..وبينما أنا خارج من باب المنزل وجدت جارتنا أم فاطمة أمامى ..بدت حزينة مما أوجسنى خيفة ...سألتها عن أبى ..فأخبرتنى أنهم وضعوه بغرفة العناية الفائقة .
فى المشفى وجدت أمي جالسة على مقعد فى ردهة خارج الغرفة مستندة الى ظهر المقعد تبكي بصمت ..نظرت نحوى بعينين حزينتين وخائفتين ربما على أبى أو على وعلى شقيقتي .
وقفت عند باب الغرفة وبعد مرور بعض الوقت خرج أحد الأطباء سألته عن أبى فأخبرنى انه أصيب بجلطة فى المخ وحالته حرجة وزيارته ممنوعة حتى تتحسن حالته.
أخبرت أمى بما قاله الطبيب وطلبت منها أن تعود للبيت فلا جدوى من وجودها لاسيما وأن شقيقتي بمفردها فى البيت وسأبقى أنا فى المشفى لكنها رفضت بشدة لكن بعد الحاحي الشديدعليها قبلت على مضض .
على مقعد بالردهة التى بها غرفة العناية الفائقة جلست أنتظر .. كنتُ أحتاجُ يداً تُربت على كتفي وتُخبرني بأن كل شيءٍ سيكون بخير، حتى وإن لم يكن كذلك.
من شدة إرهاقي وتوتري أسندت ظهري على المقعد ودفعت رأسي للخلف ، وأغمضت عينى واستدعيت ذكرياتى مع أبى ..فتذكرت طفولتي عندما كان يصطحبني الى المدرسة الأبتدائية ويحضر معه الحلوى عند عودته من العمل وتذكرت عندما كان يصطحبني معه الى عمله وحفاوة زملاؤة التي كانوا يعانقوننى بها. ...استحضرت اشياء كثيرة محفورة فى جدران ذاكرتى بكل لحظاتها.. .
أفقت على يد تربت على كتفي بهدؤ، وصوت أحدهم يقول : البقاء لله شد حيلك..التفت اليه فوجدته الطبيب الذى سألته عن حالة أبى .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى