أسامة إسبر - الطريق إلى نفسي..

كنت أستمعُ إلى مقطوعةٍ موسيقية
وأنا أقودُ السيارة وسط غابة.
شعرتُ كما لو أنني أتقدّم
داخل وحشٍ معدني يلتهم
لحم مسافة طُردت
من خضرتها
ودخلت في شحوب ضباب امتصها
وحولها إلى أشباح سوداء.
كان عنوان المقطوعة
”أختار نفسي“،
لليستر يونغ وهاري إديسون.
تساءلت: ما الذي يعنيه هذا العنوان؟
ثم عند منعطف واد
انجلت الغيوم
وانصبّ شعاعٌ معتق
من خوابي شمسٍ
احتجبت في أقبية الضباب طويلاً
وتوهجتْ خضرة الأشجار
شاقة طريقاً لم يُسلك بعد
فأوقفت السيارة،
ترجلتُ وتمشيتُ
بين أشجار باسقة،
وتعجبتُ كيف أن الأشجار
قاومتنا
وصمدت كل تلك الأعوام.
رأيت في جذوعها
ما يوحي بأنها ما تزال تقاوم
رغم أننا نفتح إليها كل يوم
طرق الصحراء
ونرسل ماء مشبوهاً إلى جذورها.
تابعت طريقي مشياً في الغابة
وأنا أفكر بالمقطوعة.
ربما كانت الموسيقى تقول لي:
أفتحُ لك باباً
تدخل منه إلى نفسك.
لكنني تساءلت:
ما الذي سأفعله
إذا ما وصلتُ إلى نفسي؟
ألن أحتاج إلى مزيد من الموسيقى؟
جلستُ قليلاً
في ظل شجرة باسقة
وتسلقت عيناي جذعها
صعدت روحي في نسغها
واسترخت كضوء على أوراقها
وتشربتْ لونها الأخضر
حتى أيقنت أن روحي خضراء أيضاً
وأن أجمل شيء
هو ألا نصل إلى أي شيء
أن تظل الموسيقى
تخرج من الساكسفون،
وأظل على الطريق إلى نفسي
دون أن أصل إليها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى