مصطفى معروفي - أهداب العشبِ

أغمض عينيه عند الجسر
وقد نالت منه الإغفاءة
حين أفاق
رأى الغيم على مقربة منه
فأمسك كاحله
ثم رمى في النهر حصاةً
وبدا رجلا مكتملا
بين يديه تشتعل الأرياف
وتسعل ريح المنعطفات
كعادته كل صباحٍ
كان إذا أوشك أن يورقَ
يأخذُ نفَساً أعمق
وصليبا للنوم
لكي يغلق بهما نافذة ضيقةً
ترتاب قليلا في الشارعِ
وإذا استنهض معطفه
يُولِمُ ناياً شكِساً لسراجٍ
فوق ذراع الغرفةِ...
ذاتَ ربيعٍ
أصبح يشرب وحدَته السمحاء
ويختمُ وِرْدَ الفجر بأغنية طازجةٍ
عن ولد يعشق مفترق الطرقاتِ
ويرقى متئداً
نحو بياض أصابعِهِ
لم يبق له غير الأرضِ
وإثمِدِها
وامرأةٍ تغزل جدولةً للماء على
أهداب العشبِ
أراه يَبَساً ممتلئا
بمتاهٍ أوفرَ
ويراني ألمعَ من جبلٍ ملتحفٍ بأناهُ
يخفي مقبرةً
ويسائلها عن بجعٍ
هل أعارَ جناحيه لقيظِ ظهيرةِ ذاك اليومِ؟
ــــــــــــــــــ
مسك الختام:
بالماءِ غَصَّ فقام فينا ناصحاً:
ياقومُ إياكمْ وشــرْب المــــاءِ
إني غصصت به فكاد يميتني
فرأيتُ أرأفَ منه بــي أعدائي
لا تشـــــربـــــوه ربــما مِتُّم بهِ
في ترككمْ للمــاء تَــــرْكُ الداءِ




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى