د. سيد شعبان - يوميات فوزية!

في كل صباح تنادي عليها الست عدلات؛ تطالبها بإحضار العيش والفول وبضع حبات من الطعمية؛ يخرج عمنا السيد من شرفة البيت يرجوها أن تمر على سلومة البقال؛ تحضر له علبة السجائر؛ وحبة جوز؛ يغامزها بحاجبيه؛ صوت عمتنا أم بهلول يرج الشارع؛ بنت لعبيه هات لي صابون وكلور؛ هدوم عمك الأسطى محسوب زفت وقطران؛ ترجع فوزية وقد ضربت أخماسا في أسداس؛ لمن الكلور ولمن العيش؟
تفرد أصابعها وتعد؛ حتى إذا تعبت انصرفت تسأل المارة:
تعرف دكانة سلومة بكم تبيع علبة السجائر؟
وهل تكفي الخمسة جنيهات لشراء قرص طعمية؟
يتندر أحدهم:
كان زمان يا فوزية!
تنصرف جهة دكانة البقالة؛ تفكر أين تضع الصابون؛ ستمسك بعلبة السجائر؛ ترى لو اختلطت الطعمية بحبة الجوز؛ طبعا سي السيد يعتدل مزاجه؛ يمكن تنبسط الست عدلات!
فالليلة ليلة الجمعة؛ مؤكد أنها ستنشر الغسيل؛ وتنادي على جاراتها؛ تغيظ إحسان تلك التي هجرها زوجها؛ أو تتحاشى الكلام مع ثريا الأرملة؛ فسي السيد يثني عليها؛ تخفي كنزا ورثته عن سي عبده الله يرحمه؛ أشاعت أنها ماتزال صاغ سليم!
أخذت فوزية تضرب قطعة اللبان في فمها؛ تهز رأسها وتدندن بأغنيتها المفضلة:
ياحلو صبح ياحلو طل!
تمسك بها جارتها نبوية؛ تهزها ومن ثم تصيح في الحارة وتقسم برب العزة:
فوزية مجنونة!
تهرع اعتدال تتبعها ابتسام؛ يجري الصغار وراءها؛ تتراقص في لامبالاة؛ تضع قرص الطعمية في رغيف الخبز ومن ثم تشعل سيجارة وتخرج لهم لسانها؛
تمضغ حبة الجوز؛ تتمايل في لهو:
فوزية مجنونة نعم مجنونة!
في كفر المنسي أبوقتب حكايات؛ لكن من يرويها ذهب مع الأيام!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى