بهاء المري - بدون عنوان

ضَربهُ الحنينُ إلى الماضي، فعاد ليقرأَ ما سَجَّلهُ في مذكراته من ذكرياتِ صِباه.
كانا يتلازمان ذهابًا وإيابًا لمسافةٍ تبلغ عدة كيلو مترات طَوال أيام وسِنيِّ الدراسة وسط حشدٍ من التلاميذ، وكانت وسيلة الانتقال الوحيدة هي الدَّواب (الحَمير) لمِن كان حاله مَيسورًا، أما باقي التلاميذ وهم كُثر؛ يترجلون في عِزِّ الحرِّ والزمهرير.
لفَـتَ نَظرهُ أنَّ حِمارهُ إذا جَنحَ لسببٍ أو لآخر َ بعيدًا عن حِمارتها، سُرعان ما يَشُقُ الرَّكبَ ويَعودُ إلى جوارها. وإذا جَنحَت حِمارتها لا تَفتأ أن تُزاحمَ وتُزاحم حتى تعود إلى جوار حماره.
توقفَ عند هذا المَشهد وأبدي لها مُلاحظتهُ. ضَحكتْ يومَها تَحسَبهُ يَمزح ولم تكترث. أجرَى تجربة ليُقنعها. انتحى بحِماره أقصى يمين الرَّكب وتَركهُ دون توجيهٍ فإذا به يعود حيث كان. وكذلك هي فَعَلت، فعادت حمارتها هي الأخرى إلى حيث كانت.
انفرجَت شَفتاه عن ابتسامةٍ رائقةٍ والذكرياتُ تُناوشه، حين وجدَ نفسهُ وقد كتبَ ما قالهُ لها ساعَتها واصفًا المَشهد: (أحبَبتُها، وأحَبَّ حِمارتها حِماري). بَيْدَ أنه كتبَ الحكاية "بدون عنوان".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى