د. مصطفى الضبع - صابونة... زرقاء

لسنوات ظلت في حقيبتي القديمة، ملفوفة بعناية في غلافها الأزرق ، فكرت أكثر من مرة في فضه لكنني اكتفيت برائحتها التي أصبح بإمكانها أن تغير طقس المكان وأن تخرجني من زمن فقد روائحه .
شغلني مصدرها : هل هي ميراث من جدتي التي كانت تعشق هذا النوع ، أم هي من بقايا ما تركته والدتي الراحلة وقد ورثت التعلق بهذا النوع وكانت تستخدمه بكثرة ، أم هي هدية من صداقة أصيلة تؤمن بإهداء العبير .
منذ شهور افتقدتها .
في البداية عدت لمكانها فلم أجدها ، فقط كانت بقايا رائحتها تملأ الحقيبة ، ولما أعياني البحث توقفت على أمل العودة أو ربما يأتيني خاطر مباغت يذكرني بموضع قد أكون نقلتها إليه .
فرضت نفسها على أحلامي ، تأتي رائحتها أولا ثم تتجلى بكامل رونقها في بهاء يليق بها ، ورويدا ملكت علي كل حواسي فكنت أراها وأشمها و أتحسسها في كل شيء .
بعد شهور من البحث ، ظلت على حضورها في الحلم أو اكتفت بذلك ، فقط بدأت رائحتها تزداد قوة ، عابرة من الحلم إلى كل تفاصيل الحياة .
الآن أجلس في طائرة على ارتفاع ثلاثة آلاف قدم تغمرني رائحتها المفرودة على كامل السماء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى