فوزية البوبكري - أحلام موؤودة..

اتخذت مجلسها على الصخرة وأرخت ساقيها تداعب مياه البحر ..
كان الوقت ضحى .. نظرت إلى السماء وتمتمت :
ماذا لو أستطيع أن أمسك الشمس وأديرها إلى روحي التي فارقتها شمسها منذ أن ضاع منها حلمها .حلم فقدت معه ذاتها وكل رغبة في العطاء .
حلم رسمته في خيالها منذ الطفولة ..منذ بدأت تتهجى الحروف وتكون منها كلمات .
ولما اقتلعوه منها و افتكوها منه عشّشت الغربة في نفسها فلم تعد تعرفها وتاهت معها في كل الدروب تبحث فيها عن بديل لما ضيُعوه ووأدوه .
ألقت نظرة على البحر واستقرّ نظرها على نقطة التقاء الزرقتين زرقة البحر وزرقة السماء .تساءلت : ماذا لو انقشع السحاب من حياتي ؟ تماما كما هي السماء الآن صافية زرقاء ...
ماذا لو نزعت عني هذا السواد وارتديت قميصا أزرقا بلون البحر والسماء؟
ماذا لو عادت بي عقارب الساعة الى تلك المحطة حيث توقف بي قطار الزمن فأغير الأحداث وأزور التاريخ وألغي كل قوانين العرف والمجتمع .
حبست الدمع في مآقيها فعاد الدمع يحبسها . وهي تتذكر حكما أصدروه ربما منذ أجيال ليس في حقها هي فقط لكن في حق كل من جاءت إلى هذه الدنيا أنثى .
جاءها صوت من أعماقها هو رجع لصدى قهقهات عالية : مكانك البيت وكفاك ما تعلمتيه ..لن تدخلي الجامعة
الزواج مآل كل بنت ...وضاعت كل الأحلام .بقرار جائر لم تعد تذكر من أصدره .هو إرث الوأد المادي والمعنوي في حقها وفي حق بنات جنسها .
تعددت الطرق والوأد واحد .
موجة قوية تكسرت على الصخرة التي تجلس عليها ،اصطدم الهواء البارد بوجهها ،استنشقته بعمق كأنما تشتم رائحة طفولة ضاعت مع كل الأشياء التي فقدتها منذ زمن .
صوت من هاتفها أيقظها وأعادها إلى حاضرها ، نظرت إلى الرسالة ،شهقت كطفل يعلنون له أن الغد هو يوم العيد
__ أمي باركي لي قد وقع قبولي في كلية الطب !!!

فوزية البوبكري ( الأم فوزية)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى