سعيد رفيع - هذا ما حدث بسبب قرش

كل ما يشغل باله هي حليمة , إبنته الكبرى , التي من المفترض أن تتزوج بعد ثلاثة أسابيع , سوف يحتاج فيها إلى مصاريف وتكاليف كبيرة لإتمام الزواج .
خرج مبكرا إلى مرسى القوارب , وبصحبته إبنه احمد , الذي يصحبه دائما إلى البحر للصيد , إذ كان الجو مناسبا تماما لذلك , وكانت الأمواج ساكنة , والرياح الشرقية هادئة .
إتجها مباشرة إلى القارب الذي نقلهما إلى منطقة المصائد القريبة من جزيرة جيسوم , حيث تكثر أسماك الشعور , المفضلة في سوق الأسماك , خاصة وأن موسم أسماك الشعور على وشك الإنتهاء .
ولم يمر وقت طويل حتى وصلا إلى منطقة المصائد , وأسرع أحمد إلى إلقاء المرساة في الماء , إستجابة لطلب أبيه , ثم بدأ الصيد مباشرة بالخيط والسنارة , حيث أن إستخدام الشباك لا يصلح لصيد أسماك الشعور .
في البداية كانت الأسماك قليلة , وكاد الرجل أن يفقد الأمل في الصيد الوفير , ولكن أحمد بادر بإلقاء بعض الطعوم التي تتغذى عليها أسماك الشعور , فتكاثرت الأسماك , وشعر الأب بالراحة , فواصلا الصيد حتى ظهر اليوم , حين أدرك الرجل أن حمولة الأسماك لن يتحملها قاربه الصغير , خاصة وأن الجو كان قد تغير فجأة , ولم يعد مناسبا للصيد , بعد أن توقفت الرياح الشرقية الهادئة , وحلت محلها رياح شمالية رافقها إرتفاع في الأمواج .
بادر الرجل بإلقاء بعض الأسماك في الماء لتخفيف الحمولة , وليته لم يفعل , إذ جذبت الأسماك الملقاة في الماء عددا من أسماك القرش الشرسة , التي أخذت تحوم حول القارب بحثا عنها .
في ذات الوقت كانت الرياح الشمالية العاتية قد اشتدت , وارتفعت الأمواج إلى أقصى حد , فمال القارب إلى جانبه الأيمن , ثم تدفقت المياه إلى القارب , الذي غرق بالكامل في خلال ثوان , ولم يكن أمام الرجل وإبنه أحمد سوى أن يقفزا إلى الماء وسط القروش , التي تكاثرت في الماء بعد أن طافت على المياه أسماك الشعور الميتة .
لم يكن لدى الرجل وإبنه خيار سوى أن يتجها سباحة إلى جزيرة جيسوم القريبة , وبدأ كلاهما في السباحة بالفعل ، ولكن بعد أن قطعا مسافة عدة أمتار , إلتفت أحمد إلى الخلف بحثا عن أبيه , فلم يجد له أثرا , ورغم ذلك واصل أحمد السباحة إلى جزيرة جيسوم ، حتى بلغها بعد أكثر من نصف ساعة , ثم عاود النظر إلى البحر من جديد ، لعله يرى أباه وهو يسبح إلى الجزيرة , ولكن الأب كان قد إختفى تماما ، فما كان من أحمد إلا أنه ألقى بجسده إلى الأرض ، ثم أجهش بالبكاء .
بدت جزيرة جيسوم خالية تماما من الصيادين , وكانت الرياح الشمالية لا تزال في عنفوانها , والأمواج مرتفعة إلى أقصى حد , وكان على أحمد أن ينتظر حتى تهدأ الرياح والأمواج , عسى أن يقترب منه قارب صيد يعود به إلى الغردقة , كان يتمنى أن يحدث ذلك , ولكنه كان يدرك أيضا أن الرياح الشمالية العاتية قد تستمر لعدة أيام , وكان الإختيار الوحيد الذي تبقى له هو الإنتظار، فتذكر اخته حليمة التي كانت من المفترض ان تتزوج بعد ثلاثة اسابيع ، كما تذكر أمه وفرحتها بزواج إبنتها الوحيدة ، فألقي بنظرة أخيرة إلى البحر ، ثم ارتمى علي الرمال في بكاء لا ينقطع .
في نفس هذا الوقت كانت حليمة وأمها في دكان الخياطة , تتمعنان في ثوب العرس الجميل .. ثم نهضت الأم وأطلقت سيلا من الزغاريد .. إرتج له دكان الخياطة .


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى