فاطمة مندي - نيران طفولتي

أقترب منها بحذر، أعرب لها عن إعجابه الشديد بها ، ابتسمت له ثم تركته وانصرفت .
كل يوم يبحث عنها كي يوطد علاقته بها ، فقد شغلت تفكيره مذ رآها اول مرة ، والذي يحيره أنها تبتسم ثم تغادر دون كلمة .
أخيرا قرر أن يضع حداً لهذا الشعور بالإيجاب أو السلب.
رآها من بعيد تصعد درج الكلية ، هرول في آثرها ، لحقها في منتصفه ، أستوقفها محدثاً : لماذا الفرار من شعور استنفذ كل صبري معه كي ينال رضاك ؟ لماذا تهربين منى هكذا ؟!
الا تعلمين من أكون ؟ هل أنا لست جدير بك ؟! الا تعلمين أننى ضابط شرطة؟!
نظرت إليه كعادتها رمقته بنظرة حزينه مغلفةببعض الإعجاب ولم تبتسم هذه المرةثم تركته وانصرفت .
أدرك أن رغبتها في الحوار منعدمة .
أمسك يدها معنفاً : اريد فقط أن تتكلمى معي أرى الأعجاب في عينيكِ؟! هل أنا لا اروق لك ؟ أريدك زوجة لي فلماذا التجاهل ؟!
نظرت إليه في حيرة ولم تجيب.
أردف : هل كما يقولون عنك أنكِ غير طبيعية؟ وأنك تعودت أن تعذبين من يقترب منكِ،
بل وتتلذذين بهذا !!، لماذا تعذبين من يحبك ؟!
رجاء أجيبي، ولن أضايقك مرة أخرى.
قالت : نعم أنا هذه التى ذكرتها ، أنا مجنونة كما قالوا لك ، ممكن انصرف .
تنحى جانباً وفرد يمناه لها على أستقامتها ، ومرت من أمامه .
دخلت قاعة المحاضرات ، صعدت الدرج جلست بعيداً منفردة ، أخذتها الافكار بعيداً عن واقعها مارة بمن عشقها حد الجنون ، ومن كان يريد اللهو معها ، ومن كان معجب بها ، وهي تقترب وتبتعد بحذر إلى أن تتأكد أنه قد تعلق بها، ثم تتلذذ وتتفنن في بعثرة كرامته في اذقة عشقها ، وتفر هاربة دون إبداء الاسباب .
وتنزح الذاكرة إلى أيام طفولتها البريئة ، وهذا الوغد الذي كان ينتظرها حينما تخرج من منزلها ، ويتحسس برائتها بأنامل آسمة دون المساء لعزريتها، ولم تخبر أحد بما يحدث معها ، وتنهمر الدموع من مقلها مواسية وتتساءل نفسها المحطمة : ما ذمب هؤلاء الفتيه؟! يجلدها الشعور بالذمب.
يجيب العقل في حدة وتوتر: هم جميعاً رجال ، أريد النيل منهم جميعاً ؛ كما قتل أحدهم برائتى ، وكلما قررت الإبتعاد عن هذه الأفعال عدت أكثر شغفاً عن ذي قبل بروح قتالية ونفس شهية لتحطيم الرجل .
أنتبهت لصوت الفراش ينبهها أن الجميع قد انصرف .
غادرت إلى منزلها تلفها الدنيا وتفردها وتطويها ، وشعور مطرب غير مستقر ، يشدها نحو أيام طفولتها ، وكثرة عنادها مع أمها ، وعدم تلبية طلباتها ؛ عندما كانت تريد منها شراء حاجتها من البقال الذي بجانب المنزل ، وكثرة نومها معظم اوقات النهار ، وحيرة الام منها وعليها ، والام لا تعلم ما ألم بالإبنة ، وحيرة الإبنة من تخبر بالذي يلاحقها كل يوم ؟
بعد مدة من الزمن أختفى هذا الوغد من أمامها سنون عدة إلي أن أصبحت في ريعان شبابها في السنة النهائية في الجامعة، ولاتعلم إلي اين أختفى هذا الوغد ؟
وبعد كل هذا الوقت من الزمن ظهر مرة ثانية أمامها، والآن هو يلاحقها،
يقطع طريقها ذهاباً وإياباً. وتتسأل: أين المفر ؟! وقد علمت أنه كان في السجن ، أنه معتاد الإتجار في المخدرات ، وهم إناس بسيطة ، والدها رجل بسيط لا ناقة له ولا جمل فأين المفر من هذا الوغد ؟!.
بعد عدة أيام سمعت طرقاً علي باب شقتهم ، لم يستجيب أحد ، خرجت مسرعة من غرفتها لترى من الطارق؟
وجدت الضابط امامها، دهشت والجمت المفاجأة فيها.
خرجت الأم بعد أن أتمت الصلاة لترى من الطارق ، رآت أبنتها تقف دون حراك ، بادرت الام بالتحية محدثه : من أنت تفضل ياأبني، ماذا تريد؟ .
بعد التحية والتعارف على الاسرة وعدهم بزيارة ثانية بعد الاجابة على طلب
الارتباط بالإبنة ، بعد نيل القبول، والسؤل عني، وانصرف بعد تسجيل ارقام هواتفهم.
عند خروجه من منزلها أعترض طريقة هذا النذل وضع قدمه أمامه فهوي علي الأرض واقعاً ، التفت له بعد نهوضه معتذرا له اعتقد انه هوى لتعثره اثناء سيره ومضى منصرفاً.
انزوت في غرفتها تلفها الدنيا لا تعلم اين المفر ، من احساسها بالرغبة في الارتباط به وتعلقها به ، وبين شعورها بالانتقام من اي رجل يغازلها ويريد أن يمتلكها ؟
تنظر في مرآتها وتتوالي دموعها مواسية أياها ، فبداخلها طفلة رقيقة المشاعر ، قد اغتصبت برائتها منذ الصغر دون المساس بعذريتها ، هذا الوغد الذي الهب مشاعرها في ربيع قاحل ، شدها صوت هاتفها من شرودها
اجابت الطرف الآخر: الو الو أجابت : من معي؟
تحدث: الا تعلمين ؟ انا من تقدم لخطبتك فهل تقبليني زوج لك؟
علقت: نعم اقبلك زوج لي ؛ ولكن بشرط،؟ هناك من قتلنى في الصغر واريد الثأر منه ، اريد قتله ، فهل تقبل هذا الشرط؟
رد: فيما بعد نتحدث عن هذا .
ذهب إليهم بعد عدة أيام بالاتفاق معهم ، استأذن في مصاحبتها للخارج كي يتحدثا باستفاضة بعيداً عن الأهل، أثناء خروجهم من المنزل ، ومرورهم من الشارع قبالة المنزل ، اعترض طريقهم تاجر المخدرات، امسك يدها بقوة وقال في صوت جهوري اجش اذهبى إلى المنزل ، ثم استدار وضرب الضابط بقبضة يمناه قائلا : أياك أن تمر من هنا ، وأخرج نصل من بنطاله وأحدث جرحاً غائراً في يد الضابط، ثم امسك الضابط وهوى به على الأرض ، ووضع النصل على رقبته أمام المارة الذين لم يحرك أحدهم ساكناً خوفا منه ، وأراد ذبحه فأحدث جرحاً في رقبته ، أخرج الضابط مسدسه على عجل وارداه قتيلاً. نهض الضابط من مرقده وطلب الشرطة ، ثم اتجه قبالتها وربت على كتفها .
مسحت دموعها مبتسمة معللة : لقد ارحت خافقي ، هذا الوغد الهب طفولتي بنيران لم تنطفأ إلا الآن .
فاطمة مندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى