فوز حمزة - بنكهة الكاكاو..

هذا الصباح .. وأنا أحدق في سقف غرفتي .. طرأت في رأسي فكرة لا أدري كيف كانت غائبة عني ألا وهي التخلص من عاداتي القديمة .. وقت طويل من حياتي مرّ منذ أن أصبحت أسيرة لها .. شعور تمكن مني من أنني بتلك العادات بنيتُ سجناً كبيرا ومظلما وأدخلت نفسي فيه بإرادة مني ٠٠
حان الوقت للتحرر منها ...
راقتْ لي الفكرة وبدأتْ بتنفيذها فورا .. فالوقوف في الشرفة وقت الضحى و شرب القهوة ليس ضروريا لأبدأ يومي به .. وعلى الرغم من أن أغنية ( وقلت بكتبلك ) التي أستمع إليها كل صباح كانت العادة الأحب إليّ .. إذ كيف لي التخلي عن شيء يفجر فيّ إحساسا وكأنني أنظر للأشياء من فوق غيمة .. مع كل ذلك .. لا شيء سيثنيني لما عزمت عليه ..
شعرت كأني أكسر قضبان سجني الكبير وأتنفس هواءً جديدًا ..
تحفزت بشكل رائع لأرمي الرواية التي بدأت بقرائتها قبل أيام .. فليذهب كولن ويلسون و كتابه إلى الجحيم ..
صوت البلابل وهي تغرد ومنظر السناجب وهي تسير على أسلاك الكهرباء بين عمود وعمود جعلني أسرح بعيدًا واتساءل: هل فكرت هذه المخلوقات يوما بتغيير عاداتها؟
من دون سبب واضح وجدتني أتهرب من الإجابة!!
الساعة قاربت على التاسعة والنصف صباحًا .. لا رياضة بعد اليوم .. لست بحاجة إلى تمارين اليوغا التي تجعلني أجلس كالبلهاء لساعات طوال ..
أية عادات سخيفة حرصت على ممارستها كل هذا الوقت؟!
كلما أتذكر ما ينتظرني في الأيام المقبلة أشعر بالسعادة ..
بدأت مساحة الحرية تتسع بعد حذف أرقام هواتف بعض الصديقات .. الحديث معهن عادة لا تجلب سوى الهم والندم ..
وضعت يدي في جيوبي و بدأت أذرع الغرفة .. لم أجد وسيلة أفضل من عد الخطوات لأتخلص من عادة تصفح تطبيقات الهاتف ..
لا أنكر أن مقاومتي كانت شديدة لنفسي وأنا أحاول منعها من ممارسة الكتابة .. في النهاية .. أعلنت انتصاري و رفعت رايتي فوق حطام تلك العادة التي انساق وراءها دون تفكير .. مالي و مال الكلمات والمعاني و الأفكار ..
ثمة سؤال يلح عليّ: هل الكتابة عادة ؟ حقاً لا أدري!
شعرت بالسجن يتهدم وبقضبانه تتكسر .. أهلا بالحرية ..
بعد أن قضيت على كل عاداتي الغريبة ودفنتها عميقا.. تنفست الصعداء ..
لكن الأمر لم يستغرق طويلاً إذ سرعان ما وجدت نفسي في صحراء شاسعة .. أسير وحيدة .. لا علامات ترشدني ولا إشارات تهديني .. شعور بالضياع أحاطني من كل الجهات .. بعد ساعات أخذت أبحث عن عاداتي القديمة التي دفنتها في صحراء حريتي .. الظلام الذي حل سريعًا أنار ما كان معتما فيّ حينما اخبرني أن عاداتي هي التي تميزني .. عاداتي هي أنا ..
عند المساء .. بينما القمر افترش نوره أرض الشرفة .. كنت استمع لمطربتي المفضلة وفي يدي فنجان قهوتي وفي اليد الاخرى على الرغم من أنني لا أدخن .. سيجارة بنكهة الكاكاو ..
يبدو أن التجربة منحتني عادة جديدة!!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى