مصطفى الحاج حسين - لَوْ لَاكِ...

كلّ صباح ..
ينبعث منكِ الضّوء
تغمرينَ قلبي برائحةِ النّدى
أتنفسُ ضحكتكِ
أحتسي فتنة عينيكِ
أوغل في تأمل روحكِ
أرتحل في ثنايا البوحِ
أثمل من سهوبِ أنوثتكِ
أتأكدُ أنّكِ روح الكون
لو لاكِ ..
ما كان للوجودِ طعم
ولا معنى ..
وما كان للغةِ أجنحة
ولا للسماءِ شهوقٍ
لو لاكِ ..
لغادرَ الموج البحر
وانتابت القمر كآبة وملل
وظنّت الفراشات
أنّ لا ورد في الدنيا
والورد سيعتقد
أنه ثقيل الدّم
وغليظ الأنفاس
ما كان للموسيقى أثر
ولا عرفت العصافير
أن تحلّق
وما كان من داعٍ
للسّهرِ وللشعرِ
لو لاكِ ..
يرحل الليل بلا رجعة
وتتخلّى الفصول عنّا
وتصير المطر حطباً
والغيم جبلاً من ترابٍ وحجر
لولاكِ ..
قد تكفّ الأرض عن دورانها
وتفقد الحياة بهجتها
والأشياء تأبى تطاوعنا
يتمرّد الهواء ويتحجّر
وربما ينتحر
إذ لا معنى لنبضهِ
لو لا أنتِ
لا حاجة للدّروبِ
واجتياز المسافات ؟!
ما حاجة الشجر للغصونِ ؟!
وما حاجة الثلج لبياضهِ ؟!
ستكون الأسماء
بلا اسم
والأماكن
ستتخلّى عن عناوينها
وطعم العسل
سيصير مالحاً
ومذاق القهوة
فلفلاً حاراً
وكنتُ ..
لن أحتاج لعينيّ
ويديّ سأعتبرهما
زائدتان عندي
وشفتايّ تتحولان
إلى خشب
الزمن ..
طاعن بالعفونةِ
الجّبالُ ستقعي
الوديانـ
ستنتفخُ بالرّطوبةِ
الظلالُ ستحترق
الهواجسُ ستختنق
الأحلامُ
لن تنبعث
وسيكون الصّوتُ
أخرس
والصّمتُ
هو السائد
المطلق
لولا أنتِ *.

مصطفى الحاج حسين
إسطنبول

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى