أسامة إسبر - بتلاتٌ في الماء

احتجبتِ الشمسُ قليلاً
أعتمَ الماءُ شيئاً فشيئاً.
الغيوم المسنّنة كمنشار ٍ
نشرت الفراغَ إلى نصفين،
واحد تناثر وهجه البرتقالي كصبغةٍ على الرمال
وكان الآخر داكناً كالصخور.
هدأ الموجُ كأنفاس عاشقةٍ
تنامُ على زند حبيبها.
ترقبت النوارسُ مادّة أعناقها
وناورت طيورُ الطيطوي على تخوم الأمواج.
ثم فجأة رأيتُ
يد امرأة تغرفُ بتلات ورودٍ من إناء
وترميها في المحيط،
فهمتُ أنها تهديها
لجسد اختفى من بين ذراعيها
ثم نثرت رماده فحملتهُ الريح قليلاً فوق الماء
وأفلتته بسرعة.
كانت المرأة تُشعل نار الذكرى
وتغذيها على الشاطئ.
شعرها يتدلى كثيفاً وأسود
وتناسق جسدها يوحي
بأنها تعيش حياتها بين الأمواج
تثبت قدميها على اللوح
وفي انحناءٍ خفيف
تتسلق كل يوم تلال وجروف
محيطٍ شرس.
الشمس تنحدرُ
لم يتبق منها إلا قطعة بعرض الإصبع
والضوء الذي تمدّد على تغضنات
الماء كان خاملاً
كما لو أنه قرر أن يغفو في مكانه
غير أن شكل الغيوم لم يتغير
بقيتْ خشبةَ مسرحٍ
شاهدتُ عليها نهاية النهار وبداية الليل
وكان ذهني منشغلاً
بتلك البتلات التي جرفها الماء
وباليد التي رمتْها،
والرماد الذي لم يثبت في الريح.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى