رضا أحمد - نقطة ضوء في بئر

ما أطول دقائق الحداد في عمر الواحد منا.
أمسح عن وجهي صدأ
وأحدق في تجاعيد الفراغ أمامي؛
هل كان الحب خطأ حسابيًّا
في ذاكرة حواسي
أم خوفًا من قفزة أبعد من الوحدة
وسؤالًا غامضًا لم يجد إجابة إلهية؟
أسقط
لستُ من أبطال شاشات العرض الأول
كذا لن أحرر النساء
ولن أستطيع الطهي بشهيتي هذه،
ربما أنسى يميني في كف العذراء
وأنا أبتهل إلى عينيها الوديعتين
أن تطيل النظر إلى جريدة الغد
ربما وجدت وظيفة لسكرتيرة بدينة بلا خبرة.
*
الحب يخلع على الوحدة أسماء مريبة كالقسمة والنصيب
والنسيان يمزق ضحاياه إلى ذرات منفية خارج الجسد؛
سكين ينحاز لسياسات الفقد البدائية
يتطلع بشغف إلى مرآة كتومة
لا تشي بما تراه.
أسقط نبيذًا
يختنق في براميل نفط معتقة؛
أعدمت آلاف الحيتان والتروس والمسامير
لتسكر ماكينة حرث
وتجتاز عفن حقول البطاطا دون أن تتوقف وتنتشي.
*
الحياد أن نكون معًا
في حفريات القرون الحجرية؛
خنجركَ أعلى قليلًا من قلبي
ورصاصتي تبحث في جسدك عن بقعة خالية من الثقوب.
أسقط امرأة فزعة
اختارت الرجل الأكثر عفة في القرية
بعد أن عَدّت على أصابعها علاقاتها الفاشلة
وقضمت كل ذكرى أليمة من فرض دموعها
وسارت إلى ليلها القادم نجمة خاملة
تقلب في مؤشرات الأخبار وهي تقطّع البصل
تودّع التائبين في مواكب الصّحراء
وتستمتع ببكاء البنات على الضفة الأخرى؛
موعدنا إذن حين تتساوى خطانا في طريق الأحزان.
*
الرغبة صفقة فردية
لا مراهنات مجانية تلاطف أحلامكَ،
ضوء يتردّد صداه في مكعّب معتم،
إبرة تستبيح الوعي
تحفّز خلاياكَ على الفرار إلى كل خيط
يرتق رقع حياتكَ في شيء أكثر أبدية.
أسقط
بيدي منفضة عملاقة
تنزلق على سجادة الكون،
أزيح عن عيني عذرية تفاحة
وأتركها لحكمة الزمن العفنة،
أتسلق منارة
أشعل يقظتها بمرور لساني
دون أن أتذوق رائحة الضوء والبحر.
*
الحراك الاجتماعي الذي لا تعرفه
أن تنتقل من جذر يقتات السباخ إلى برعم واهن
تختبئ داخله مواسير المياه والأمل
ثم تتراقص كغصن لَدِنٍ يعتمد ميزانية محدودة
من الأوراق وحصة النور
وفي النهاية تصير ثمرة ينتظرها حجر
ثم سكين وأسنان.
أسقط كلما تخاذل رأسي
عن إبعاد قدمي من فخ قديم،
أزرع عشبًا على ظلي الممتد
وأضفر كومَ قشّ بِعِيدَان الكبريت وعظام دجاجة،
أصنع لمرآتي فزاعة أخرى
كي لا تتفقد غرفتي حين أغيب
وأنسى رائحة البيت.
*
الوطن بضعة أسئلة تنتمي إليك
إجابتها كل اغتراب ينقذك من الشرطي
ومن عظامك القابعة تحت جلدك؛
الوطن تلك المسافة التي تسبقك بخطوة إلى قلبك.
أسـ..
لولا صخب النشيد الوطني
لعرفتم كيف يوجع أن تقف وأنت خائف.
*
الموت سرابكَ الخاصّ
الذي أطلقته تحت غيمة مشعّة،
موجتك الرَيَّانة التي اختارها لكَ لوح التزلج لا البحر
ويدك المثقوبة التي تضعها على عينيك
ورمل أيامكَ يتسرب هاربًا منها.
أسقط
نقطة ضوء في بئر تركض مذعورة
كلما تحسست في الظلام عطشها.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى