ثناء درويش - كي تراني

الليلةَ كنتُ معك طوالَ الوقت
بعدَ أن اكتشفتُ فجأةً
أنّ اسمي وشكلي يجعلانك لا تراني
رغمَ أنّي أمامَك منذ عمر
وفجأةً أيضاً تلمّست قدرتي على التحوّل
ولبسِ ما أريدُ من أثواب

الليلةَ ارتديتُ فستاني الأخضرَ
ووقفتُ في صفّ شجراتِ السرو
على جانبِ الطريقِ الترابيّ
الذي تعوّدت أن تتمشّى عليه كلّ مساء
يا لسعادتي حين رمقتني معهنّ
بنظرةٍ شاعريةٍ من عينيك
فيما أنتَ تتابع سيرَك متأمّلاً

"يتسامقُ حلمي
كسروةٍ في السّماء
لا يكذبُ الشّجر"

الليلة تحوّلت لشجيرةِ ياسمينَ صغيرةٍ
ومن فوق سياجِ بيتٍ
ما زالت فيه لمساتُ الفطرة
رحت أنتظرُ مرورَك
لتمتدّ أناملكَ قاطفةً بعضَ بياضي
وتودّ وأنت تتنشّقني بعمقٍ
أن يسري طيبي في دمكَ

"الياسمين أيضاً
يشهدُ هذه اللحظة
على أصولنا الواحدة"

الليلةَ وأنت تجلسُ وحيداً
في ساعةٍ متأخّرةٍ من الليل
على شرفة منزلك
أحببت أن أكون معك
لم ترني
لأنني كنت لحنَ الكمان
الذي أتاك مع النسيم
وأصغيتَ بكلّ حواسكَ إليه

"كما الكمان
يشدّ أوتاري إليه
سكراناً بلحني"

الليلة تسلّلت إلى أحلامكَ كجنّيةٍ صغيرةٍ
أخذتك معي
إلى حيث لا أشكال ولا أسماء ولا صور
وهوّمنا سويّةً في فضاءاتِ الحبّ
حينها فقط انتبهتَ إلى وجودي
وإلى أهمّية أن نكونَ معاً
وهمستَ لي: " لو يطولُ الحلم "

"بلا عطرٍ و لونٍ
أسري مع نسيمِ الليل
أغلّ فيه"

آهٍ يا أنت
كم كان عليّ
أن أشفّ وأشفّ
كي تراني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى