فاطمة مندي - نحن معك..

عندما رن جرس التلفون ردت
_زوجة عمي: الو .
-الطرف الثاني : أين الاستاذ؟
_زوجة عمي : خير ماذا تريد؟
-نريدة غداً لأمر هام أعطيه هذا الرقم للتواصل معانا ضروري .
حضر عمي من الخارج تواصل مع من هاتفه، قال لي: غداً سنذهب الي التلفزيون، يسجلون برامج مع من مات والده، الاطفال اليتامى .
وسيرسلون لك بعض الملابس.
في الصباح الباكر ذهبنا أنا وعمي الي التلفزيون ، كان في
انتظارنا ذلك المذيع الشهير، استقبلنا بحفاوة، وقدم لنا ما اردنا من مشروبات .
وأمام الكاميرات تحدث إلينا موجة حديثه لي : قص علينا حكايتك بكاملها، ولا تخجل، ولا تخف من عمك، نحن معك .
تلعثمت كثيراً، وارتبكت أكثر، وسألته في بساطة : هل أنت تعرفني؟!
هل تعرف قصتي؟!
تبسم ثغره في دهشة
وقال: نعم أعرفك وأعرف قصتك، حدثني معلمك عن حياتك باستفاضة لأنه جاري .
بكيت بشدة بل وانتحبت كثيراً بين شهيق وزفير ، لا اصدق عيني ولا اذني، محدثا نفسي : أخيراً وجدت من ينصت لي .
قال لي : تحدث ولا تخش شيئا نحن معك .
شهقت طويلاً ثم زفرت شهيقى دفعة واحدة : أنا كنت أحيا حياة مطرفة بصحبة أبي، كان أبي الوالد والصاحب والحبيب والشقيق،
كان يأخذني معة في كل مكان ، كنا نذهب سوياً للصلاة في المساجد ، كل فرض بفرضه، كان يعطيني الصدقة اعطيها لذويها، وأنا في سن الرابعة،
كنا نخرج للتنزه ، كنا نذهب في أي وقت نشتري ما اريد ،
لم يمل يوماً من تدللي عليه، لم ينهرن قط، لم يؤخر لي طلب مهما عظم سعرة أو عز طلبي .
كان يعتز ببنوتي ، ويفتخر بي وعندما وصلت للمرحلة الابتدائية، وكل مرة احصل فيها علي درجات نهائية كان يكافئني، وينعتني (بالطبيب) ، كم كنت أعتز بهذا اللقب .
ولكن؟!
وبكيت بكاء بشجن لم اتمالك نفسي ، لم استطع السيطرة علي نحيبي .
هدئني المذيع وقال لي : لا تحزن نحن معك أكمل قصتك .
مسحت دموعي بكفوفي اعطاني المذيع علبة مناديل ورقية،
أكملت : لقد طعنني القدر بسهامه المسمومة ، عندما أخذ مني أبي فجاءة، هو القدر أنا أعلم، تركني أبي للهوان يسلخ حواسي ويسرق طفولتي وأدميتي ، تركني في يد أمي التي تخلت عني من أجل زوج آخر.
أخذني عمي وهو عامل بسيط وسط أبنائه ، هو رجل حنون لا أنكر هذا؛ ولكنه تركني بيد زوجته الذي يضعف أمامها، ساقتني أمامها كخادم .
نظر لي عمي نظرات معاتبة.
ولم أبال،
اكملت : كنت اصحو من نومي في الفجر كي انهي طلباتها مواعين ، مشاوير ، مسح، ترويق .
كل ما هو من مهامها كنت أقوم به، ولو يوم نسيت شيء، أو لم يسعفن الوقت، كانت توسعني ضربا بخرطوم المياه، وكان عقابها يمتد لحرماني من الذهاب الي متنفسي المدرسة.
كنت اذهب الي المدرسة منهك القوى ولكني كنت أعب من المناهج كما الجوعان ، كما كنت استغل وقت الفسحة كي انهي واجباتي ؛ لان البيت للعمل فقط.
فكرت كثيراً في أن اتخلص من حياتي، وفي كل مرة ينفذ فيها صبرى على الهوان، كان أبي يقوم بزيارتي في أحلامي، ليذكرني بوعدي له وهو علي فراش المرض ان اصبح (طبيباً).
تحدث لي المذيع : لماذ لم تذهب الي والدتك؟!
بكيت كثيراً وانتحبت أكثر، هدئني وتركني أكمل.
لقد ذهبت اليها مراراً وتكراراً وفي كل مرة تسمعني مفردات سيئة، تجعلني ارجع ادراجي الي بيت عمي وأنا منكس الراس خائب الرجاء.
في يوم من أيام رمضان ذهبت اسرة عمي للأفطار خارج المنزل، ورفضوا ذهابي معهم، وارسلوني الي والدتي للافطار معها، اخرصتني دموعي وخنقت الكلام في حلقي.
قام المذيع وربت علي كتفي قائلاً: أكمل .
مسحت عيني وأكملت : هل تتخيل أن اقف على باب والدتي وأنا صائم ادق بابها ولم تستجيب لرجائي وأنا صائم ، قالت لي ارجع مكانك، واذهب ولا تعد هنا مجدداً، وإلا سارسلك الى ملجأ الأيتام.
رجوتها كثيراً، كما أخبرتها أنهم ليسوا في المنزل ولم تبال.
نزلت من أمام شقتها تسحقني الحصرة.
رزقني الله بفاعلي الخير في الشوارع وهم يوزعون الوجبات علي موائد الرحمن وعلي المساجد، وحصلت علي وجبة أفطاري في المسجد .
تقدم مني المذيع الدكتور وطبع قبلة حانية علي رأسي وسألني: ماذا تريد وطلبك مجاب.
مسحت دموعي وأخبرته أنني اريد ان أعيش عيشة ادميه، وأن أكون إنسان، لي حقوق وعلي واجبات، ولا اريد العودة مع عمي؛ بالرغم أنه حنون، ومع حنانه ضعفه أمام زوجته.
تحدث المذيع مع اسرة سوف تستضيفني كإبن لها ولن أعود لأهلي مجدادا، الى أن صرت طبيبا ونلت مبتغاي.

فاطمة مندي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى