أسامة إسبر - تاريخ للأرصفة

ما أبعد زمني عن جسدي!
الساعة تمرّ أثقل من صخرة سيزيف،
لوحات الإعلانات تتوهج في ليل المدينة،
كأنها أجساد تدبُّ فيها الحياة.
آه، نعم، أنا في سان فرانسيسكو الليلة،
سمعتُ صوتاً تحت قدميَّ،
كدت أرتطم برأس نائم وأنا أمشي.
كشف الغطاء قليلاً وصرخ في وجهي
ففاحت رائحة الفودكا والتعرق٠
الأرصفة أسرّة تتجاورُ
وحين يطلع ضوء الشمس
سيكشف الغطاء عن الأغطية.
إله العقارات سرق الشمس بيديه من سماء المدينة
وعصر ضوءها في كأسه.
أسير كالشبح في سان فرانسيسكو،
لكن لا أحد يصرخ
كما لو أنني أباغته في غرفة نومه.
ربما ليس لسكان هذه المدينة
القدرة على رؤية الأشباح.
أشعر بالبرد
كما لو أنني أنام من دون غطاء
على سرير من الجليد.
أعرف أنني أعيش
على حافة الفرح
على حافة الحزن
على حافة البكاء
على حافة اللذة
على حافة الألم
على حافة الحياة
على حافة الموت
وأمشي على حد مسنون
في مدينة تهرب دوماً إلى نفسها.
أين الضوء الذي تحدث عنه لورنس فيرلينغيتي
أين الفارس متقدماً على فرس الضوء؟
”ثمة ضوء لكنه مخصي“، تمتم مشرّد في زاوية
كما لو أنه سمعني.
ما أبعد زمني عن جسدي!
ما أبعد جسدي عن نفسه!
عقلي في مدار وجسدي في آخر.
وحين قبضت يداي على العجلة
على الطريق السريع زدتُ من السرعة
واندمجت بالهواء
منطلقاً مثل سهمٍ نحو مدينة أخرى
طالعاً من سان فرانسيسكو
كما لو أنني أستيقط من سرير على الرصيف
روائح المشردين على ثيابي
وأنفاسهم التي أثقلتها الماريجوانا
تختلط بأنفاسي
فيما إله العقارات يطردني بنظراته
وأنا أبتعد مختفياً في الضباب.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى