طه محمد علي - ألْخُروج...

ألشّارعُ مُقْفرٌ
كذاكرَةٍ الرّاهَبٍ
ألوُجوهُ تنْفجِرُ في الَّلهَبِ
كثمارِ البَلُّوطِ
والموتَى يملؤونَ الأُفُقَ والمداخِلَ .
ما مِنْ وريد يستَطيعُ أنْ ينزِفَ
أكْثَرَ ممّا نَزَفَ
وما منْ صرْخِة يُمْكُنها أن تَرْتَفِعَ
أكثَرَ ممّا ارتَفَعَتْ .
لَنْ نَخْرُجَ !َ
والكُلُّ في الخارجِ بانتظارِ المَرْكباتِ
المُثقَلَةِ بالعَسَلِ والرَّهائِنِ
لَنْ نَخْرَجَ
تُروسُ الضَّوْءِ تتَفَطَّرَ أمامَ الحَصْرِ
وعدِم التَّكافؤِ
والكُلُّ في الخارِجِ يُريدُ لنا الخَروجَ.
لَنْ نخْرجَ !
عرائسَ العاج يَدْلِفْنَ خلفَ الخُمُرِ
في وَهَجِ السَّبي وينْتَظرْنَ
والكَلَّ في الخارِج يَنْتَظرَ منَّا الخَروجَ.
لنْ نَخْرُجَ !
ألمدافعَ تَجْتاحُ حدائقَ العنَّابِ
تُدَمّرُ أحلامَ الَبَنَفْسجِ
تُطفِئ الخُْبْزَ تُميتُ الملْحَ وتُطلِقُ العَطَشَ
يُشقّقُ الشّفاهَ والأنفسَ.
والكُلُّ في الخارج:
ماذا ننتَظرُ ؟ ...لقدْ مُنِعَ الدفء وصودِرَ الهَواءُ
فلماذا لا نخْرُجُ ؟
الأقنِعَةُ تملأُ المنابِرَ والمباغي ودورَ الوْضوءِ.
الأقنِعَةُ الحَوْلاءُ من شدّةِ العَجَبِ
لا تُصدّقُ ما يُرى
فَتَهوي مشدوهة تتَلوَّى
كديدانِ الألسَنةِ.
لن ْ نخرُجَ !
وهلْ نحنُ في داخلَ كيْ نخرُجَ؟
الخُروجُ للأقنعَةِ ، للمنابرِ والمُؤتمرات!
الخُروجُ للحصار القادمِ من الدّاخلِ
الحصار المُتَحَدرِ من صُلب صحاري البدو السّاميينَ
حصارِ الأشقاءِ المُلطّخ بطعمِ النّصْلِ
ورائحةِ الغِرْبانَ .
لنْ نخرُجَ!
والُكلُّ في الخارجِ يُغلقُ المخارجَ
ويباركُ الطاغوتَ
يُصلِّي، يسألُ المَوْلى، ويَرْجو القَديرَ
أنْ نموتَ!!

طه محمد علي 1983_2 _5

تعليقات

تعيد علينا هذه القصيدة البليغة للشاعر الكبير طه محمد علي، سيناريوهات التهجير القسري الذي تنتهجه الامبريالية الأمريكية تحت غطاء الصهيونية، باعتداءاتها المتكررة على الفلسطينيين العزل، وقتلهم وارهابهم بشتى الوسائل القمعية لاجبارهم على (الخروج)
نحيي حفيدة الشاعر الكبير طه محمد علي على لطفها وأريحيتها وتعاونها
فشكرا جزيلا، وشكرا كثيرا
 
أعلى