أسامة إسبر - جثة الحقيقة

صار بوسعي محو ذاكرتي
أنساني مُحرّكُ غوغل وجودها.
أبحثُ عن جملةٍ أو وجهٍ
أنظرُ إليهما بسرعةٍ
وأتركهما ينزلقان ويغرقان في المدّ الرقميّ.
لا أحسُّ بالشبع،
معدتي دوماً فارغة
وعقلي لا يكترث.
أعيشُ على ضفّة نهرٍ بلا ماء
أعثرُ بشق النفس على موطئ قدمٍ بين الصيادين
أسمعُ صوت الهدير
كما لو أن روح المحركات تُخيّم هنا.
أمارسُ الصيد
إلا أن شباكي تخرجُ فارغةً
ويتم اصطيادي في معظم الأحيان.
مرةً، بعد أن شويتُ الأسماك،
فُوجئتُ أنه ليس فيها لحم.
حين ضغطتْ أسناني
اصطدمتْ بمعدنٍ
فتوقّفْتُ خائفاً أن أخسر ما تبقّى منها.
بإمكاني أن أغسل عقلي
كما أغسل تفاحةً قبل تقشيرها،
أو أجلي صحناً بعد العشاء
وأنشّفه وأضعه على الرفّ،
بإمكاني ألا أكترث بالكلمات
حين تأتي من أي مصدرٍ
أن أقتلها بمذبة الذباب
قبل أن تصل إليّ.
أسمعُ عواءَ اللغة
حَشْرجةَ موت الأفكار
وتكسّرَ الجليد في أنهار الصور.
أرى نفسي في مجرّةٍ
ذرةً تختلطُ بغيرها،
يأتيها غبارٌ يمتصّها
فتضيع وتترسّبُ إلى أعمق.
أحاولُ جاهداً أن أصوم
أن ألا آكل ولا أشرب على هذه الموائد
أن أبدأ إضرابي حتى عن نفسي
بعيداً عن اللغة
بعيداً عن روائحها
خاصةً حين لا تجري
خاصةً حين نسمع صوت المحرك
وهو يدور منطلقاً
حاملاً في صندوقه
جثة الحقيقة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى