في صباح هذا اليوم، على عادتي في كل صباح، ركبت دابتي واتجهت إلى الحقل الواقع على طرف القرية. في الطريق أكلت بيضتين مسلوقتين ورغيفين من الخبز ثم شربت قليلا من الحليب. دب في نشاط وحماس للعمل، وما إن وصلت الحقل حتى وجدتني اترك الدابة تقتات من خيرات الأرض وقدمت إليها الماء. ثم اتخذت مكانا طاهرا واتجهت إلى القبلة وصليت الفجر بخشوع وترو. ثم قمت إلى العمل مرتاح القلب والبدن ورحت أحصد الزرع بروح عالية وإيمان شديد.
مضى النهار وأنا أحصد تارة وأرتاح تارة أخرى، أقيم الصلاة، أتناول شيئا من الطعام وأطعم دابتي أيضا. وقبل الغروب بوقت قصير أتوقف كعادتي عن العمل أنظر إلى ما أنجزته فأشعر بالرضا وأفكر فيما سأنجزه غدا فأمتلئ بالأمل. أركب دابتي وأعود إلى البيت. من عادتي أن أتوقف عند دكان صغير وأنا في طريق العودة، لأشتري شيئا من الحلوى أو شيئا مما يبهج الأطفال ويسرهم. حملت كيس الحلوى واقتربت من البيت وأنا أتخيل الأولاد يتراكضون فرحين بالكيس وبعودتي.
أبصرت طفلتي الصغيرة ذات السنوات الثلاث تفر مذعورة أمام كلب أسود كبير الجثة مسعور المظهر فطار مني القلب والعقل والكيس والدابة. صرخت بالكلب فلم يرد، التفتت طفلتي فجأة كمن وجد في صوتي قدرة إلهية تخلصها من كابوس رهيب. رأيت الوجه منها داميا والملابس ممزقة وبراءة طفولة السنوات الثلاث تمحي... تتلاشى.. تموت ذعرا وخوفا وألما. هجمت عليها ألفها بين ذراعي فسبقني الكلب ونهش بأنياب دامية صدرا بحجم كف أبيض صغير فنزت منه دماء غزيرة. ستة وثلاثون شهرا في كل يوم وفي كل دقيقة أتأمل الطفلة أروح وأجيء من أجلها، أطعمها اللقمة مكرهة خشية أن يتوقف قلبها عن النبض، وكلما شربت كأسا من الحليب أحس أن لحمها الطري يشتد وعظمها اللين يزداد صلابة وأحس أن صدري ينشرح ويتسع لكل أهل القرية. استغلوني وأنا منشرح، صرخت بهم مرة، كنت أغطيها بالليل عشرين مرة وألبسها عشرين مرة أحدّق آلاف المرات، كنت اشدد قبضتي عليها حين أحضنها كنت ارتجف وأتطلع يسرة إلى جانبها وحين ركضت ركضت إلى جانبها ولما بدأت تلعب مع الأطفال كنت أراقبها، نهشها في الصدر والجبهة والظهر والفخذ.. تتألم بين يدي.. تتلوى.. تسقط كورقة تهرأت.. تهوي على الأرض منسلة من بين يدي كحبات الملح. تتكوم على الأرض كرسالة قديمة محترقة. قفزت في الهواء كملك الريح ثم هويت على الكلب الفار كوحش شرس، دافع بيديه وقدميه وفمه وأسنانه لكن يدي المجنونتين كانتا كالحديد وأظافري الحاقدة المحترقة كحراب مسنونة. غرستها وغرستها وغرستها في شحمه ولحمه وأمعائه، كان ينبعث من شحمه المكتنز روائح كريهة تشبه افران مجنونة ألمانيا. ما تزال على أسنانه بقايا دماء، تلك مكومة هناك، وفي يدي تركزت أحقاد الكون والتاريخ والأطفال، اصطكت أسناني بشدة.. أكلتني أسناني.. فتحت فمي وفغرت كمجنون والتهمته.. التهمته.. التهمته.. حتى الذيل وحين رفعت عيني...
مضى النهار وأنا أحصد تارة وأرتاح تارة أخرى، أقيم الصلاة، أتناول شيئا من الطعام وأطعم دابتي أيضا. وقبل الغروب بوقت قصير أتوقف كعادتي عن العمل أنظر إلى ما أنجزته فأشعر بالرضا وأفكر فيما سأنجزه غدا فأمتلئ بالأمل. أركب دابتي وأعود إلى البيت. من عادتي أن أتوقف عند دكان صغير وأنا في طريق العودة، لأشتري شيئا من الحلوى أو شيئا مما يبهج الأطفال ويسرهم. حملت كيس الحلوى واقتربت من البيت وأنا أتخيل الأولاد يتراكضون فرحين بالكيس وبعودتي.
أبصرت طفلتي الصغيرة ذات السنوات الثلاث تفر مذعورة أمام كلب أسود كبير الجثة مسعور المظهر فطار مني القلب والعقل والكيس والدابة. صرخت بالكلب فلم يرد، التفتت طفلتي فجأة كمن وجد في صوتي قدرة إلهية تخلصها من كابوس رهيب. رأيت الوجه منها داميا والملابس ممزقة وبراءة طفولة السنوات الثلاث تمحي... تتلاشى.. تموت ذعرا وخوفا وألما. هجمت عليها ألفها بين ذراعي فسبقني الكلب ونهش بأنياب دامية صدرا بحجم كف أبيض صغير فنزت منه دماء غزيرة. ستة وثلاثون شهرا في كل يوم وفي كل دقيقة أتأمل الطفلة أروح وأجيء من أجلها، أطعمها اللقمة مكرهة خشية أن يتوقف قلبها عن النبض، وكلما شربت كأسا من الحليب أحس أن لحمها الطري يشتد وعظمها اللين يزداد صلابة وأحس أن صدري ينشرح ويتسع لكل أهل القرية. استغلوني وأنا منشرح، صرخت بهم مرة، كنت أغطيها بالليل عشرين مرة وألبسها عشرين مرة أحدّق آلاف المرات، كنت اشدد قبضتي عليها حين أحضنها كنت ارتجف وأتطلع يسرة إلى جانبها وحين ركضت ركضت إلى جانبها ولما بدأت تلعب مع الأطفال كنت أراقبها، نهشها في الصدر والجبهة والظهر والفخذ.. تتألم بين يدي.. تتلوى.. تسقط كورقة تهرأت.. تهوي على الأرض منسلة من بين يدي كحبات الملح. تتكوم على الأرض كرسالة قديمة محترقة. قفزت في الهواء كملك الريح ثم هويت على الكلب الفار كوحش شرس، دافع بيديه وقدميه وفمه وأسنانه لكن يدي المجنونتين كانتا كالحديد وأظافري الحاقدة المحترقة كحراب مسنونة. غرستها وغرستها وغرستها في شحمه ولحمه وأمعائه، كان ينبعث من شحمه المكتنز روائح كريهة تشبه افران مجنونة ألمانيا. ما تزال على أسنانه بقايا دماء، تلك مكومة هناك، وفي يدي تركزت أحقاد الكون والتاريخ والأطفال، اصطكت أسناني بشدة.. أكلتني أسناني.. فتحت فمي وفغرت كمجنون والتهمته.. التهمته.. التهمته.. حتى الذيل وحين رفعت عيني...