حامد صبري - بقع حمراء في جسد المدينة

خمسة جنيهات
أحاول أن أحبكِ بخمسة جنيهاتٍ في جيبي
سأشتري بأول جنيه
زهرةً من بائع الزهور تحت الكوبري
و سأنسي حديثَ أمي
عن أن الزهور
تقليدٌ رديءٌ ( لكيلو الجوافة).
> > >
بالجنيه الثاني
سأشتري سيجارتين ( فرط)
أكسرُ واحدةً لأنك تكرهين التدخين
و أحتفظ بواحدةٍ
لأكرهكِ.
> > >
جنيهٌ آخر
سأضعُه في حِجر الشحاذ
المتخمِ بالجنيهات
علي باب الحديقة
ثم سآخذُكِ بعيدًا بسرعة
حتي
لا تصيبك حكةُ السؤال.
> > >
بالجنيهين الباقيين
سنشتري لفافةَ ترمس
ونجلس سويًّا
لنتحدثَ عن الوردة.
> > >
سأعدد لك الفراشات اللائي حرمناهن من الرحيق
وكومةَ الضياء التي ستنكسرُ ساقُها غدًا
حين تقع من السماء
دون أن تجد وردتَنا هناك
سأقسم لكِ أنها كانت تعاني من الوحدة
حتي أخبرتُها أنني سأزرعُها في فستانكِ.
> > >
في الباص
عندما يطالبني السائق بالنقود
سأخرج له عملةً من فئة الخمس ضحكاتٍ و قُبلة.
> > >
خمسةُ جنيهاتٍ
أتحسسها
و هي تجلسُ بمجونٍ
في جيبي
وأفكر
ربما كنت سأحبكِ أكثر
لولا ساقاها العاريتان.
محبرة
أن تحبّ امرأة
تربي في فناء عينيها نهرًا أليفًا ..
وتنام علي حافة النهار كقصة لا تنتهي
أن تحبّ امرأة حين تتكلم
تجرّد السّماء من كل فراشاتها
و حين تناديك
يجف اسمك
و يسقط.
> > >
أن تحب امرأة
تنام علي نومك
كلما غابت
ينبح السرير.
> > >
امرأة تدمن الوقوف في شرفة عينيكَ
لتنشر غسيل صورتها علي قرنيتك
امرأة محشورة في كتف القصيدة
كلما أردت أن لا تكتب
امرأة
مدورة كحبة الليمون
أو كالمتاهة.
> > >
أن تحب امرأة
تأكل كل تلك الموسيقي الخارجة من المذياع
و كل هذا الكلام الخارج من الشرفة
و كل هؤلاء القتلي الخارجين من ثقب النشرة
و كل هذا الخروج الداخل فيك.
> > >
امرأة
تخرج من النكتة ومن صاحبها
ومن ملابس الضحك القديمة الملقاة في مقاطع اليوتيوب
امرأة تلبس الشارع و الحديقة و الغرفة
و تمسح الإسفلت بماء عينيها
لتصبح كل الطرق
تؤدي إلي غيابها.
> > >
أن تحب امرأة
تبلل ريق الماء
حين تشرب
و
تجلس علي خد العالم
كدمعة يابسة.
> > >
أن تحب امرأة بهذا الشكل
يعني
أن تعيش عمرك كله
في محبره.
اللا أحد
يشبه اللا أحد ..
لهذا
كان يحب هذا اللا أحد كثيراً
كان يعتبرُه صديقَه الوحيد
يحشو هاتفَه بأرقامه الكثيرة
يحتفظ بصورةٍ قديمةٍ له
ويسخر من أصدقائه
الذين لا يرونه بجانبه في الصورة .
> > >
كان يشبه اللا أحد تماماً
لهذا كان يعشق مشاهدةَ الراقصات الرديئات
كان يشعر أنهن الوحيدات اللائي يحببنه
دون خطةٍ أو تكلف
وفي كل الأفلام الكوميدية التي رآها
كان يبحث عن بائعةِ مناديل
تشاركُ بمشهدٍ واحد
لتسخرَ من كل الأبطال
الذين يتصادفُ أنهم لا يبكون.
> > >
كان يحتفظ في دفترِه
بأسماء كل هؤلاء الذين كتبوا أسماءهم علي الجدران
والأرصفة تحت الكوبري
لكنه كان يكره الكوبري
لأنه قبل أن يكون
مجرد بابيون للشمس.
> > >
كان يحب اللاأحد
لكن ما يضايقه حقاً
أنه بلا ذراعين
وأنه لم يكن هناك
كلما فكر في احتضانه.
كتابة علي جذع شجرة مقطوع
كلما نما الشجر حول الشُّرفة
تذكرتُ الحرائقَ التي مررنا بها
وكيف كنتِ تلهثين من البرد
وأنا أضحكُ
من ملابسكِ الثقيلة.
> > >
كلما ابتلت أُذُني بالموسيقي
قَرَصَني نملُ الحرب.
> > >
وكلما سحرتني الألوانُ في الصور
تذكرتُ أنها محضُ طَفَّاءاتٍ أنيقة
أطفأنا فيها موتانا ووضعناها لتذَكِّرَنا بسُعال قلوبنا.
> > >
كلما قالت لي إحداهن: أحبك
تذكرتُ أنني قديم
قد قصصتُ الأرضَ حولي علي شكل وجهك ِ
ثم فقدتُ ذاكرةَ القَص
وكلما
قلتُ لإحداهن - علي سبيل المجاملة - أحبكِ
خرجتِ من شفتي
لتصححي هذا الخطأ.
> > >
وهكذا
دومًا
تظهرين في جيب حنيني الخلفي
علي هيئة ثقوب.



* عن جريدة أخبار الادب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى