محمد محمود غدية - للسعادة وجه آخر

توطئة :
الكاتب ناظم حكمت طلب من
الفنان التركي عابدين دينو رسم السعادة :
فرسم لوحة فريدة هزت كل من رآها، سرير به اسرة مجتمعة من ثمانية افراد وكلبهم فى غرفة صغيرة، يتساقط من سقفها المطر، غطاءهم نصف بطانية مهترئة
والدجاجات تتقافز وتتصايح وتجري فى الغرفة .
..........
انها الاقدار التي وضعتها فى طريقه، حين طرقت مكتبه تسأله عن اجراءات معاش والدها المتوفي، كانت خافضة البصر جميلة، غير مسرفة فى الاصباغ، مثل الكثيرات فى سنها، الوحدة مارد ينهش القلب، رددها مع نفسه والحقها بأسئلة اقل ماتوصف، انه ان الاوان لترتاح روحه الهائمة الباحثة عن نصفها الفعال، لتستكين وتهدأ بعد شرود، لم يمهر لها فرشا من الورود، لم يجمع لها الف من الباقات، ولم يضفر لها قبعة من الازهار، ولا ثوب من الحرير، لانه بسيط لا يملك غير حشو فم، وثمار توت وقلب مغني يفيض حب لايموت .. ماسبق مقطع من قصيدة كتبها يوما لمن تأتي،
ابتسامتها تورق الكروم، عينيها لوزيتان طيبتان رائعتان، الحب يصنع الاعاجيب،
شاركته الكدح المرير،
سنوات خمس اثمرتا ابنتان كالقمر، تغمرهما الراحة والسعادة والهدوء، هى فى اجازة من العمل بدون مرتب تجددها سنويا، حتى تفاقمت المشكلات الحياتية الاعتيادية، من المطالب التى فاقت امكانيات الزوج، والتى على اثرها، عادت للعمل لتساهم فى المعيشة دون ان يطلب منها ذلك، مستجدات تطفو على سطح حياتهم الجديدة، غيرة من زملاء العمل، وضغط ومعاناة المواصلات، وتربية الطفلتان، مثل سماء اربدت غيوما كثيفة، انهم امام برتقالة الحياة، التى لابد من تقشيرها، ليكتشفوا شيئا بها غير الملوحة،
عليهما ان لا يتوقفا كثيرا امام تفاصيل التفاصيل، يكفى انه امام امرأة تحبه غير مسرفة فى ادوات الزينة، يكفيها ضوء الصباح والوان النسيم وحب زوجها وبناتها، يحتفلان اليوم بعيد زواجهما الرابع عشر، يتأملان فى سعادة ابنتيهما، وقد ضاق ثوبهما الحرير عن تفاحتين، ايذانا بوصل واقتراب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى