احماد بوتالوحت - الكيـس.. قصة قصيرة

ثمرة متعفنة للإستبداد: ذلك هو التعذيب، وكذلك هم الجلادون
حيدر حيدر - وليمة لأعشاب البحر


من الغرفة تفوح رائحة القيء والدماء المتخثرة. ألقيّ بالكيس على أرضيتها الرطبة. وبمجرد ما لامس الكيس الأرضية لسع البرد أطراف "منصور"، وكان للبرد قساوة الإبر.
تدحرج الكيس هنا!.. وهناك!. وتحرك جسد "منصور" داخله في محاولة لجلب الدفء. لكنه سكن أخيرا٬ سمع وقع أحذية تدلف إلى الغرفة، تمر بجانبه ثم تحوم حوله وتبتعد٬ وسمع قرقعة المفاتيح، وأصوات أبواب توصد، وفجأة حل سكون عميق بفضاء الغرفة. إضطرب داخل الكيس محاولا فك رباط يديه المقيدتين إلى الخلف، لكن دون جدوى.
كان القيد يعض على رسغيه بإحكام ويؤلمهما..
إذا كان "منصور" لم يفلح في تخليص يديه من الوثاق فإنه قد أفلح شيئاً ما في تحرير العصابة التي كانت تلتف حول عينيه. ومن خلال الكيس رأى ضوءاً يتسرب من كوة تتوسط باب الغرفة، كان الباب مواجهاً له. عادت صلصلة المفاتيح داخل الأقفال، ففتحت أبواب، إلا أن باب الغرفة العطنة لبث موصداً لا يرين، وخلفه سمع ارتطام أشياء صلبة بالأرض، و مر وقت قبل أن يلاحظ أن الكوة التي تتوسط الباب قد بدأت تختفي شيئاً فشيئاً تاركة الظلام يتوغل تدريجياً إلى الداخل. حينها تذكر الأشخاص الذين أقبروا في الغرف السرية المصممة خصيصا لابتلاع الخارجين عن طاعة السلطان فتملكه حزن عميق .



* من محموعة الحذاء الذي لم يتسن لي أن أنتعله - 2014 - سفي غراف

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى