محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - كالانبياء المحالين نحو التقاعد...

كالانبياء المحالين نحو التقاعد
يتملص من اقمصة الوصايا، يفك ازرار حزنه بمفك البراغي
عارياً كاسلافه من الزنج، يشخر كالجاموس، ويمضي الى البرية
طليقاً ككلمات الغزل

دحرجوا وجهه نحو ضحكةِ صلبة
خدشته ارضية اللغةِ البالية، نزف احرف حمراء مثل الإرادة حين تختبر نفسها بين السكاكين
استعاد رباط حُلمه
حين لمح طائرا، يبشر الاشجار بالربيع، هو العارف بأمر المذبحة
حين شنق الصيف
ازهار الحدائق، واغرق النافذة بعرق الحبيبات
الأتيات من تهور قديم، حين كان القلبُ شاباً، يتسع لأكثر من خنجرين

كالجاموس العنيد
كبلوه بالاسئلة
انجبته امه للمرةٍ العاشرة، مات ايضاً على بُعد قطرة حليب من الأسم
انجبته للمرة الحادية عشرة
خبأته بين اسرارها الريفية، لحين أن تجد له بيتا وامرأة
واغنيات للنوم

سار في حلمه حتى خرج من حلمه، وسقط عن الفِراش
في فك العزلة،
مضغته الوحشة باسنانها، تقاسمته الحروب بين مُدنها
رأسه فقط ظل مُشرداً
بين أكثر من رصاصة وندم

قال في آخر الطلقات
هي جنازتي، انا احدد في اي ناحية سانصت لأسئلة الله
في أي كتف، ساتقبل عزائي
وفي اي اعين ساغفر لأمي ضحكتها في حرم الجنازة
وفي اي صلاة ساقاطع الاصدقاء
ودعوني بصمت
فانا متوعكاً بالكلام

كبر في جثته تلك، نما مثل الجذام، قبيحاّ كالخيانة تماماً
رافق الظلال الى الضوء، الظلال الخائفة من جسده المتشظي لعدة وجوه
كبح يديه حين جالسها في المساء الشفيف
حين نظرا للقمر
حين لم يجدا أي كلمة تُهذب شهواتهم العالقة، في سُرة الوقت المنسحب نحو نومه

كبر في جثته
خصص الليل، للجنازة، للبحث عن روحه المارقة
تلك الانثى المطرودة من مكاتب العدم
كل هذه الجنائز، ولا زال الموت مُتردداً في هيئة الأسم، ولون النهاية الشريفة

بزنوجة مدعوسة بارجل القمح، قرر أن يرتكب جريمة قتل، طعن الفجر في معبده، بقر ذاكرة العشب، ولطخ يديه بدم امرأة حاضت اسماء رجال، ومحافظ رجال، وشيء من اللذةِ التالفة

بلسان يلفظ كلماته نحو الداخل
قال امي
بينما امه أكتفت بالبكاء، وضعت له فنجان شاي، ودعوة للصلاح
جنازتك نائمة في أمان السرير، والموت المسعور، لازال يؤجل فيك الجنائز
يُريدك شعباً من الموتى
فجثة الشاعر تحتاج أكثر من مقبرة، نفير جنائز تجمعها كما تجمع الجدات الاحاجي
لتنفثها للصغار

ادركته الحياة متأخراً
القطارات تُفضي اسرار الحقائب
جرجوا ساعديه الى تذكرةِ من خشب، والقطار شعوب الحريق
ألبسوه العطور الفاتنة، واطلقوا فيه كل الانوف البذيئة
سموه كبشاً، عصبو عينيه، واطلقوه في حارة الجزارين
لكنه كان ينجو من الموت رغم جثته الطافحة بالقبور

لأجل الحبيبة
أرتكب آخر جرائمه، صعد في حلمها، نحو زاوية النهر
رج المساء القديم، لتسقط بعض العصافير فرِحة
عرى لها البيت، اسوار عيون، تحجب الغد من غده
عرى لها ما تبقى في الجسد المفخخ باقفاله العائلية، سروال ازمنة ما عاد يستر عانة احزانه
عرى لها الخنجر الوثني في القلب تماماً، ناحية البيت، منتصف اللحاف
حيث ربى سراً فتياته الموبقات
وعلمهن كيف يفتكن بالليل الذكوري، حين يخمد على بُعد انثى وغياب

لأجل الحبيبة أجل الموت لعشرة رصاصات
في الحادي عشر انكر الموت
وقدم لأمه مرسومه الملكي، أن تعيد إليه الولادة،
أن ترمم فيه الثقوب
تلك التي عبرها راقبته المشيئة طويلاً، اجهدت عنقها من اباحية الحُزن فيه

لأجل الحبيبة
أكتفى بسُرتها
المصوبة فيه نحو احتمال ولادةِ أكثر متانة
ولادة تكون فيه جثته اقل ميولاً الى الموتِ حزناً
وأكثر وسامة
ببضع عناقات

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى