عدتُ إلى البيت متأخرًا، خلعتُ قميصى، إستعدادًا لإرتداء ملابس النوم، ففوجئتُ بإبن عمى الصغير، يصيحُ فى هلع: أمي تتشاجر مع عيدة,
وعيدة هذه جارة عمى، والدُها شريكٌ عمي في البيت، إشتريا الأرض معًا، وقاما ببناء البيت، فتركَ الرجلُ ما يخصُّه لإبنته عيدة لتتزوجَ فيه.
البيت دورٌ أرضىٌّ مبنىٌّ بإمكانياتٍ فقيرةٍ جدًا. درجاتٌ قليلة ٌفى مدخل البيت من الطوبِ الأبيض الكبير، وحُجرتان لعمى، ومثلهما لعيدة، مع دورةِ مياهٍ مشتركةٍ بينهما.
إرتديت قميصى ثانية، وذهبتُ إلى بيتِ عمى، وهو في شارع ٌضيقٌ متفرع ٌمن شارع يوسف الحكيم المشهور هناك يإسم شارع 12 - وهو من أشهر شوارع كرموز- ، كانت زوجة ُعمّى غاضبة ًوثائرة، وزوجُها – عمي - يجلسُ صامتـًا، وكلماتٌ تخرجُ من الطرفين من وقتٍ لآخر، مرة ًمن زوجةِ عمّى وبناتها، ومرة ًمن عيدة التى تبكى وتصرخُ من وقتٍ لآخر. سألتهم: ما الذى حدث؟
لاحظتْ زوجة عمّى أن شابًا يأتى متلصصًا كلَّ ليلةٍ، ويدخل حجرات عيدة، فإنتظرتـْهُ الليلة، وعندما تأكدتْ من دخوله، دقتْ البابَ علي عيدة فى عنفٍ، لكن عيدة بكتْ ولم تفتح الباب، فأرسلوا إلى والدِها - الذى يسكن قريبًا من البيت، فجاءتْ أمُّها. رأيتُها تدخل بملاءتها اللف فى قلق، صاحتْ فى أسى :ماذا حدث؟!
قالت زوجة عمي :- إبنتك تستغفلنا. يأتيها زوجُها كلَّ ليلةٍ كاللصوص..
ظننتُ أولَ الأمر أنَّ الذى يأتيها رجلٌ آخر غير زوجها. أردتُ أنْ أقول، وما هي المشكلة، رجلٌ جاء لزيارة زوجتِه، ولقاء أولاده. لكنني لم أستطعْ، فزوجة عمى ثائرة، وزوجُها وبناتـُها يؤيدونها فى غضبـِها وثورتِها.
جاءَ صوتُ الزوج – الشاب ــ ضعيفــًا وحزينــًا، قال: جئتُ لكى أرى أولادى.
أسرعتْ الأمُ إلى إبنتها؛ أسرعتُ خلفها لأمنعها من ضربها، صفعتـْها الآم قائلة فى صوت حاولتْ أن يكون خافتا، لكن البيت كله سمعه بوضوح: فضحتينا، أختك لم تتزوج بعد، ستوقفي سوقها بفعلتك هذه.
شَدَدْتُ المرأة، وأجلستـُها على الكنبة العربى الوحيدة فى الحجرة.
قالت عيدة وهى تلطمُ خديْها: لقد جاء ليرى أولاده.
وجاء والدُها غاضبًا لاعنـًا، لم يُحى أحدًا، دخل على إبنته صفعها وركلها، وأراد أن يضرب زوجَها، لولا أن منعته، قال له: لقد طردتك، فلماذا تأتي إليها؟!
لم يجبه، وضع وجهه الحزين على كف يده، وتابع المصباح الخافت المتدلى من السقف.
قالت الأم لزوج إبنتها: فضحتنا فى الحتة.
لقد إختلف الزوج مع زوجته من أجل مصروف البيت، فهو عاملٌ بسيط فى مصنع
على ترعة المحمودية. تشاجر هو وزوجته على مصروف البيت، فتدخـَّل أبُوها، ودفع المبلغ المطلوبَ وطرد الزوجَ قائلا: ما دمت غير قادر على الإنفاق على البيت؛ أتركه.
فتركه، لكن عيدة إشتاقت إلي زوجها، فزارته فى المصنع الذى يعمل به، وإتفقا على اللقاء مساءًا، عندما تنامُ أسرة ُعمى.
خرج الزوج حزينا، وبكي الطفل الكبير، فقد أيقظه الصراخ ُوالصوتُ المرتفع، بكى من أجل ذهاب والده..
وعدتُ إلى البيت غير مصدق لما يحدث، زوجة عمى كانت تعلم أن الذى يزور عيدة هو زوجها، ما هي المشكلة؟.!.
......
المهم كتبتُ قصتى " الفضيحة " عن هذه الحادثة الغريبة، وتحمَّس لها الصديق رجب سعد السيد، وكنا نُصدر معًا مجلة للقصة بعنوان " قصص80 "، فنشرناها في العدد الأول منها، وإستغرب البعض، ما الذى يكتبه مصطفى نصر؟! رجلٌ يأتى إلى زوجته، هل هذا الموضوع يستحقُ الإهتمام لدرجة أنه يكتب قصة عنه؟!
ووجدها البعض فرصة للنيل منى، حبكتْ القافية، فأذاعوا فى التجمعات الأدبية في الإسكندرية: " هذه القصة فضيحة لمصطفى نصر ".
لكنني تمسكتُ بها، ونشرتُها في أكثر من مجلة، وكانت ضمنَ قصص ِ مجموعتى القصصية "حفلُ زفافٍ فى وهج الشمس" التى صدرتْ عن سلسلة مختارات فصول عام 1999.
لقد أردتُ أن أبيّن فيها العاداتِ الغريبة َالتى تعيشُها الأُسَر فى الأحياءِ الشعبيةِ، خاصة ًالتى جاءت من الصعيد، الجريمة التى أتتها عيدة هى حبُّ زوجها، ففي هذه المجتمعاتِ عيبٌ أن تـُبدى الزوجة ُالحبَّ لزوجها. الأبُ والأمُّ فى خجل ٍلأن إبنتهما ذهبت وأتت بالزوج من عمله، وسمحتْ له بأن يدخل متلصصًا ليلا، ويخرجُ دونَ أن يُحسَ به أحدٌ.
ومما مازلت أذكره ما قاله لي المرحوم سمير عبد الفتاح، قال لي إن زميلنا حسين أبو زينة – قال عن هذه القصة: دي فضيحة لمصطفى نصر. فقد حبكت القافية، فالقصة إسمها الفضيحة، وهي فضيحة لكاتبها. وعندما قابلت حسين أبو زينة لمته لما قاله عن القصة وعني.
وعيدة هذه جارة عمى، والدُها شريكٌ عمي في البيت، إشتريا الأرض معًا، وقاما ببناء البيت، فتركَ الرجلُ ما يخصُّه لإبنته عيدة لتتزوجَ فيه.
البيت دورٌ أرضىٌّ مبنىٌّ بإمكانياتٍ فقيرةٍ جدًا. درجاتٌ قليلة ٌفى مدخل البيت من الطوبِ الأبيض الكبير، وحُجرتان لعمى، ومثلهما لعيدة، مع دورةِ مياهٍ مشتركةٍ بينهما.
إرتديت قميصى ثانية، وذهبتُ إلى بيتِ عمى، وهو في شارع ٌضيقٌ متفرع ٌمن شارع يوسف الحكيم المشهور هناك يإسم شارع 12 - وهو من أشهر شوارع كرموز- ، كانت زوجة ُعمّى غاضبة ًوثائرة، وزوجُها – عمي - يجلسُ صامتـًا، وكلماتٌ تخرجُ من الطرفين من وقتٍ لآخر، مرة ًمن زوجةِ عمّى وبناتها، ومرة ًمن عيدة التى تبكى وتصرخُ من وقتٍ لآخر. سألتهم: ما الذى حدث؟
لاحظتْ زوجة عمّى أن شابًا يأتى متلصصًا كلَّ ليلةٍ، ويدخل حجرات عيدة، فإنتظرتـْهُ الليلة، وعندما تأكدتْ من دخوله، دقتْ البابَ علي عيدة فى عنفٍ، لكن عيدة بكتْ ولم تفتح الباب، فأرسلوا إلى والدِها - الذى يسكن قريبًا من البيت، فجاءتْ أمُّها. رأيتُها تدخل بملاءتها اللف فى قلق، صاحتْ فى أسى :ماذا حدث؟!
قالت زوجة عمي :- إبنتك تستغفلنا. يأتيها زوجُها كلَّ ليلةٍ كاللصوص..
ظننتُ أولَ الأمر أنَّ الذى يأتيها رجلٌ آخر غير زوجها. أردتُ أنْ أقول، وما هي المشكلة، رجلٌ جاء لزيارة زوجتِه، ولقاء أولاده. لكنني لم أستطعْ، فزوجة عمى ثائرة، وزوجُها وبناتـُها يؤيدونها فى غضبـِها وثورتِها.
جاءَ صوتُ الزوج – الشاب ــ ضعيفــًا وحزينــًا، قال: جئتُ لكى أرى أولادى.
أسرعتْ الأمُ إلى إبنتها؛ أسرعتُ خلفها لأمنعها من ضربها، صفعتـْها الآم قائلة فى صوت حاولتْ أن يكون خافتا، لكن البيت كله سمعه بوضوح: فضحتينا، أختك لم تتزوج بعد، ستوقفي سوقها بفعلتك هذه.
شَدَدْتُ المرأة، وأجلستـُها على الكنبة العربى الوحيدة فى الحجرة.
قالت عيدة وهى تلطمُ خديْها: لقد جاء ليرى أولاده.
وجاء والدُها غاضبًا لاعنـًا، لم يُحى أحدًا، دخل على إبنته صفعها وركلها، وأراد أن يضرب زوجَها، لولا أن منعته، قال له: لقد طردتك، فلماذا تأتي إليها؟!
لم يجبه، وضع وجهه الحزين على كف يده، وتابع المصباح الخافت المتدلى من السقف.
قالت الأم لزوج إبنتها: فضحتنا فى الحتة.
لقد إختلف الزوج مع زوجته من أجل مصروف البيت، فهو عاملٌ بسيط فى مصنع
على ترعة المحمودية. تشاجر هو وزوجته على مصروف البيت، فتدخـَّل أبُوها، ودفع المبلغ المطلوبَ وطرد الزوجَ قائلا: ما دمت غير قادر على الإنفاق على البيت؛ أتركه.
فتركه، لكن عيدة إشتاقت إلي زوجها، فزارته فى المصنع الذى يعمل به، وإتفقا على اللقاء مساءًا، عندما تنامُ أسرة ُعمى.
خرج الزوج حزينا، وبكي الطفل الكبير، فقد أيقظه الصراخ ُوالصوتُ المرتفع، بكى من أجل ذهاب والده..
وعدتُ إلى البيت غير مصدق لما يحدث، زوجة عمى كانت تعلم أن الذى يزور عيدة هو زوجها، ما هي المشكلة؟.!.
......
المهم كتبتُ قصتى " الفضيحة " عن هذه الحادثة الغريبة، وتحمَّس لها الصديق رجب سعد السيد، وكنا نُصدر معًا مجلة للقصة بعنوان " قصص80 "، فنشرناها في العدد الأول منها، وإستغرب البعض، ما الذى يكتبه مصطفى نصر؟! رجلٌ يأتى إلى زوجته، هل هذا الموضوع يستحقُ الإهتمام لدرجة أنه يكتب قصة عنه؟!
ووجدها البعض فرصة للنيل منى، حبكتْ القافية، فأذاعوا فى التجمعات الأدبية في الإسكندرية: " هذه القصة فضيحة لمصطفى نصر ".
لكنني تمسكتُ بها، ونشرتُها في أكثر من مجلة، وكانت ضمنَ قصص ِ مجموعتى القصصية "حفلُ زفافٍ فى وهج الشمس" التى صدرتْ عن سلسلة مختارات فصول عام 1999.
لقد أردتُ أن أبيّن فيها العاداتِ الغريبة َالتى تعيشُها الأُسَر فى الأحياءِ الشعبيةِ، خاصة ًالتى جاءت من الصعيد، الجريمة التى أتتها عيدة هى حبُّ زوجها، ففي هذه المجتمعاتِ عيبٌ أن تـُبدى الزوجة ُالحبَّ لزوجها. الأبُ والأمُّ فى خجل ٍلأن إبنتهما ذهبت وأتت بالزوج من عمله، وسمحتْ له بأن يدخل متلصصًا ليلا، ويخرجُ دونَ أن يُحسَ به أحدٌ.
ومما مازلت أذكره ما قاله لي المرحوم سمير عبد الفتاح، قال لي إن زميلنا حسين أبو زينة – قال عن هذه القصة: دي فضيحة لمصطفى نصر. فقد حبكت القافية، فالقصة إسمها الفضيحة، وهي فضيحة لكاتبها. وعندما قابلت حسين أبو زينة لمته لما قاله عن القصة وعني.