أشرف فياض - شوارب فريدا كـــالو..

سأتجاهل رائحة الطين ، وتأنيب المطر، والغصة التي استقرت في صدري طويلاً
وأبحث عن عزاء ملائم لوضعي الذي لن يسمح بأن أفسر شفتيك على النحو الذي أتمنى
أو أن أنفض قطرات الندى عن بتلاتك المائلة للاحمرار
أو أن أخفف من حدة الهوس الذي ينتابني كلما أدركت أنك لست بجانبي في هذه اللحظة
ولن تكوني كذلك .. عندما أضطر إلى تبرير موقفي للصمت الذي يعاقبني به الليل .
تظاهري أن الأرض صامتة مثلما نراها من بعيد، وأن كل ما حصل بيننا لم يكن أكثر من مزحة ثقيلة؛ لا يفترض بها أن تصل إلى هذا الحد !
***
ماهي فكرتك عن أيامي التي اعتدت قضاءها بدونك ؟
عن كلماتي التي كانت تتبخر بسرعة
عن وجعي الثقيل
عن العُقَد التي ترسبتْ في صدري مثل طحالب جافة.
نسيت أن أخبرك .. بأني معتاد على غيابك من الناحية العملية
وبأن الأمنيات ضلت طريقها نحو رغباتك
وأن ذاكرتي قد بدأت بالتآكل !
وأني لازلت أطارد الضوء، ليس رغبة في الرؤية ؛ بقدر أن الظلام يبقى مخيفاً.. حتى وإن اعتدنا عليه !
***
هل يكفيك اعتذاري ؟ عن كل ما حدث أثناء محاولاتي اختلاق أعذار مناسبة لكِ
كلما تهيجت الغيرة في مكان ما .. داخل صدري
كلما أتلَفتِ الخيبة يوماً جديداً من أيامي الداكنة ..
كلما كرَّرْتُ لك أن العدالة ستبقى تعاني من اضطرابات الدورة الشهرية
وبأن الحب رجل متخلف في خريف العمر.. يعاني مشكلة في الانتصاب !
***
سأضطر للتحايل على ذاكرتي
والادعاء بأني أنام جيداً
وسأمزق كل ما تبقى من الأسئلة
الأسئلة التي أصبحت تبحث عن مبرر للحصول على إجابات مقنعة
بعد أن أُسقِطتْ كل علامات الترقيم المعتادة
بدافع شخصي بحت !
***
دعي المرآة تشرح لك كم أنت جميلة !
أزيلي كلماتي المتراكمة مثل غبار
تنفسي بعمق، وتذكري كم أحببتك، وكيف تحول الأمر إلى مجرد التماس كهربائي
كاد أن يتسبب بحريق ضخم .. في مستودع فارغ !

***
الشمس بالغة التهذيب فيما يتعلق بفتح فمها أثناء التثاؤب !
الشمس لا تعرف كيف تفرض سيطرتها التامة على الأرض، تماماً كما يحدث مع الظلام، مع العلم بأن الشمس لا تملك خياراً آخر سوى مقاومة الظلام .. رغم عدم أهلية بلوتو للبقاء ضمن مجموعتها المصابة بالدوار .

للقمر رأي آخر في فرض سيطرته على البحر، وللبحر قدرته على ابتلاع ما يتسنى له من المخلوقات.. وزيادة حصته من سطح الأرض.. تحت ذريعة الاحتباس الحراري.. تحت ذريعة الأوزون المثقوب.. وحق المرأة في ارتداء البكيني.. وإغواء الطيور بثروته السمكية !
***
لن أكون أقراصاً مسكنة لاضطرابات دورتك الشهرية بعد الآن .. ولن أتمتع بامتياز الحديث معك أثناء استعدادك لنوبة نوم طويلة، أو عند رغبتك في تفريغ غضبك الشديد، أو أثناء قضائك بعض الأوقات الممتعة في صالة تعج بعشاق الجاز .

لن أتمكن من النوم لفترة كافية.. ولا من تبرير شاربي نيتشه.. ولا حتى من إقناعك بالنظر إلى عماد بعرور كتجربة فنية متجاوزة !
سأنشغل قليلاً بتطبيع العلاقة بين الماء والتراب لقطع الطريق على النار في خطتها لأن تكون سفيرة للنوايا الحسنة، وسيتوقف الهواء حينها عن محاولة الظهور بمظهر لائق.. أثناء قيامه بتجفيف ملابسك الداخلية المنشورة على حبل الغسيل.
***
أمشي في الشارع العاجز عن التعبير.. أستجوب قطرات المطر اللامبالية.. وأحاول إزالة الصدأ العالق في حلقي.
كم مرة علي أن أقرأ دليل الريح.. لأتمكن من تفسير التقلبات الحادة في مزاجك ؟
كم هي الكلمات التي أجبرتها على السكوت.. كي لا تشمي رائحة الخيبة المنبعثة من دخان سيجارتي الأمريكية ؟
لن أكون حصالتك التي تكسرينها كلما انتهت مدخراتك.. ولن أضيف التغزل في عينيك إلى قائمة أغراضي الشعرية .. فعيناك – في نهاية المطاف – أكثر فتكاً من تلك التي صرعت لب جرير، وأكثر شاعريةً من غابات نخيل السياب.

عيناك.. تماماً.. مثل سجود الملائكة لآدم .. مع حذف إبليس من المشهد .. لأغراض بلاغية !
***
العالم هذا الصباح.. يشبه معدتي المصابة بالحرقة ، يشبه الصداع الذي يقضي عطلته الأسبوعية في رأسي ، يشبه أكوام الزجاج المكسور .. التي تملأ ذاكرتي .

لم يعد العالم على ما يرام.. منذ أن توقفت عن القلق بشأن الزجاج.. وبشأن عدم استلامي الرد على رسالتي النصية لمدة تجاوزت العشر دقائق.. وفشل السيدة كلينتون في تزعم الحزب الديمقراطي !
لا تبحثي عني، سأكون موجوداً عند كل رشفة قهوة، عند استرخائك أثناء جلسة روتينية لتنظيف البشرة، عند رغبتك بالضحك أو البكاء.. وبالارتماء في أحضان أحد ما، عند عجزك عن مقاومة الأرق الذي أعرفه جيداً، عند عدم رنين هاتفك المحمول أثناء ساعات نومك الطويلة، عند دخولك غيبوبة الكتابة، عند عدم رغبتك بالكلام، عند مشاهدتك لفيلم سينمائي بغض النظر عن مستواه الفني، عند دغدغتك للأرض.. أثناء ممارسة رياضة المشي، عند سماع أغنيتنا المشتركة.. التي لم نتفق على تحديدها حتى الآن!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى